قلعة طرابلس “السراي الحمراء”.. اقتباسات تحكي عبق تاريخها
مابيل لومس تود – فلكية ورحالة زارت طرابلس سنة 1900 م
” طرابلس مدينة سحر ، بيضاء كأحلام الجنة ،مزركشة بحواش من النخيل و الزيتون و ذات جذور عميقة في ذكريات القرون, لقد كان حظ طرابلس منذ بدء التاريخ تجارب متنوعة, إنها واحدة من أقدم المدن في العالم.
لو تكلمت هذه الجدران الصامتة, فستكشف سنوات من التاريخ غير المكتوب وغير المحفوظ, المليء بالعاطفة والبطولة والقسوة وخيانة الحياة, وفي إحدى الزيارات للباشا اقترح أن يرينا القلعة, وقد كانت ممتعة امتاعا لا حد له, من حجرات الاستقبال حيث كانت تقدم القهوة والمرطبات التركية, إلى السطح الذي يشرف على الخليج والملاحة والرمال”
من رسالة الكونت “بيترو دي نافارا” أحد قادة الاسبان الذين احتلوا طرابلس إلى نائب ملكه في يونيو – 1510 م
“لقد وجدتها أكبر جدا مما كنت أظن, ورغم أن الذين يطرونها يتحدثون عنها حديثا طيبا, فأنا أؤكد أنهم لم يقولوا نصف الحقيقة, ومن بين المدن الكثيرة التي رأيتها في العالم, لم أر مدينة تماثلها في قوتها ونظافتها, حتى إنها لتبدو كمدينة امبراطورية وليست مدينة لا تنتمي إلى أي ملك خاص”
كريستانزيو بيرنيا – مؤرخ ومؤلف كتاب طرابلس من 1510 الى 1850
“والقلعة التي شهدت أحداثا تاريخية كثيرة, كانت قديما مفصولة عن المدينة بخندق عريض يحيط بها من ثلاث جهات, وكانت تواجه الميناء الواسع ببنائها المربع الضخم, وتحمي المدينة من البر والبحر.
أما من الداخل فتحتوي على بعض المساكن الصالحة, الخاصة بالحاكم والضابط والحامية, كما تحتوي على بعض آبار المياه المالحة, والمطاحن اليدوية, وأساساتها قائمة على أعمدة جرى وضعها بطريقة أفقية وعموديا يمكن أن تكون من بقايا العهد الروماني”
تشارلز ويلينغتون – كاتب ورحالة أمريكي زار طرابلس سنة 1904 م
“قال لي صديقي رايلي وهو يشير إلى فتحة في جدار القلعة تم سدها بالطوب, هل ترى تلك البقعة على الجدار؟ .. في إحدى فترات الظهيرة كنت أمر من هذا المكان وأنا راجع من السوق عندما ظهر رجل رث الملابس وغريب المنظر على الطريق هناك, وكان يتصرف بصورة غريبة, يبدو وكأنه يخشى أن يمشي منتصبا.
وعلى الرغم من أن الوقت كان منتصف النهار فإن الرجل كان يتحسس طريقه كالأعمى, تجمع بعض الناس وسرعان ما وصل الحراس الأتراك إلى المكان وأخذوه إلى القلعة التي جاء منها.
نعم لقد خرج عبر ذلك الجحر الذي تم تطويبه الآن, لقد ظل الرجل هناك لسنين طويلة في إحدى الزنزانات تحت الأرض, لقد مكث هناك زمنا طويلا ولكنه تمكن من الحصول على آلة حادة حفر بها طريقه إلى الخارج, ولو أنه خرج في مثل هذا الوقت من اليوم (مساء) أو بالليل لتمكن من الهرب ! عندما خرج من الظلام أعمته أشعة الشمس كما أن القيد الذي على رجليه كشف أمره, مالم يكن الرجل قد مات فهو بلا أدنى شك هناك .. على بعد بضع ياردات من مكاننا هذا, ولكن على الجانب الآخر من السور”
د. محمد محمد المفتي
” يعود بناء قلعة طرابلس إلى العصر الروماني. وكان يطلق عليها أحيانا إسم ( لِحصار ) والآن تغلب تسميتها بالسراي .. وقديما كان يحيط بالقلعة خندق متصل بالبحر ، كما نستشف من تقرير لوفد فرسان القديس يوحنا يقول: ’’ طرابلس صافية الاديم و هواؤها صحي و هي غير معرضة للإمراض السارية و يبلغ محيط سورها 3728 خطوه ثلثاه يطل على البحر و الثلث الأخر يشرف على البحر , و يحيط بالقلعة خندق عرضه 44 خطوة و عمقه قصبتان ‘‘. وقد ردم الخندق في أوائل القرن الثامن عشر.
ومدينة طرابلس القديمة ، كانت مدينة مسوّرة ، ذات بوابات .. منها باب المنشية وباب الخندق وباب البحر وباب زناتة ، والباب الجديد الذي فتح سنة 1870 وكانت الأبواب تقفل بعد الغروب. وإضافة إلى ذلك كان للمدينة أبراج أو حصون، ذكر منها المؤرخون حصون الشعاب والحميدية والكرمة والدباغ وحصن دار البارود والتراب والهدار وحصن المندريك حيث موقع الفنار”.
د. خالد الهدار
” ويرجع الشكل الحالي العام للقلعة او السراي الى الاعمال التي قام بها الاسبان حيث بنوا او جددوا الحصن او البرج الجنوبي الذي اسموه حصن القديس جورج الذي يقابل حاليا شارع امحمد المقريف والذي يشبه في شكله مقدمة السفينة ، كما بنوا الحصن الغربي الذي اسموه حصن القديس يعقوب و الذي يقع حاليا قرب برج الساعة ، وهذين الحصنين او البرجين يواجهان المدينة حيث يسكن الاهالي المقاومين لهم ، وهناك جدار ضخم يمتد بين الحصنين و يشكل الجانب الجنوبي الغربي للقلعة و يمتد هذا الجانب مسافة 130 مترا ، و يتوسطه المدخل الرئيسي للقلعة ، وهناك جدار اخر يشكل الجانب الجنوبي الشرقي يمتد مسافة 140 مترا و الذي ينتهي ببرج اطلق عليه فرسان مالطا الذين بنوه اسم القديس جاكمو ، ويجاور هذا الجدار ساحة اطلق عليها الاسبان ساحة القديسة باربرا التي يطل عليها مسكن الوالي و مخزن الذخيرة، كما يوجد جدارا على الجانب الشمالي الشرقي يمتد لمسافة 115 مترا ، اضافة الى الجدار الشمالي الغربي الممتد مسافة 90 مترا الذي يتوسطه من الداخل كنيسة بناها فرسان مالطا عرفت باسم كنيسة ليوناردو ، وبهذا فان السراي تتكون من اربعة اضلاع وتشغل مساحة 13 الف متر مربع تقريبا ، استقرت بها الحامية الاسبانية المعتدية الذين شيدوا اغلب مبانيها من حجارة سور مدينة طرابلس و بعض مباني طرابلس الاخرى، وعندما زار الحسن الوزان (ليو الافريقي ) طرابلس و صف السراي بانها ذات اسوار ضخمة ومزودة بمدفعية”
باولوس إيفالد – مبشّر ألماني زار طرابلس سنة 1835 م
“إن طرابلس أو أويا كما كانت تعرف لدى القدامى, أصغر من تونس ومن الجزائر, لكنها تفوقهما من حيث النظافة, وتحيط بها أسوار شامخة تعلو على كل مباني المدينة, وعلاوة على ذلك تحميها بطارية مدفعية مهيئة على شكل نصف دائرة, كما توجد قلعة وتحصينات ومتاريس تحمي مدخل الميناء”
الرحالة الألماني البارون هنريك فون مالتسن – زار طرابلس سنة 1869م
“وأما ما يخص الأبنية العامة, فنود أن نذكر معلم طرابلس الرئيسي وهو القلعة, تشكل القلعة مبنى منفصلا عن سور المدينة, ذا منظر جذاب, بها مدافع من بينها مدفع يعود لسنة 1144م وهي من إحدى جوانبها تطل على البحر ومن جانب آخر تطل على ميدان واسع, وتوجد بداخلها مطبعة بحروف تركية وعربية, جرى استيرادها من اسطنبول, تطبع هنا جريدة ( طرابلس الغرب ) وهي جريدة تركية عربية تصدر مرة كل أسبوع.
وفي القلعة مدرسة صغيرة لأبناء العسكريين, وفناء, وقاعات, ومكان للموسيقيين”
الأمير النمساوي لودوفيك سلفاتور – زار طرابلس سنة 1873 م
” من البحر تقابلك السراي مباشرة, ولا يفصلها عن البحر طريق مثل بقية المدينة, ويحيط بها سور لا يقل سماكة عن أسوار التحصينات, إن منظره رهيب, ومما لا شك فيه أنه جعل منها في الماضي قلعة لا تقهر.
وبداخله قصر حيث يقيم الباشا العثماني, وحيث كان يقيم القرامانليون المستقلون في السابق, وواجهة هذا القصر تشهد خليطا رائعا من النوافذ الصغيرة والكبيرة والفتحات الموجودة على ارتفاعات متباينة
والحق أن جميع الرحالين يؤكدون المنظر الرائق لمدينة طرابلس من الخارج, وعلى وجه الخصوص من البحر, أسوار المدينة البيضاء الوضاءة ذات العرصات والأبراج الصغيرة, كتلة السراي الخلابة ذات الشكل غير المنتظم عن يسار المدينة, والحصن القائم على لسان صخري بارز داخل البحر عن يمينها, والبيوت القائمة بينهما جميعها ذات سطوح مستوية, وتعلو من بينها القباب ومآذن الجوامع والزوايا والمدارس على شكل أعمدة, هذه العناصر تشكل منظرا كليا تدعه الشمس الإفريقية يبتسم, وينعكس على سطح البحر المتوسط الأزرق .. إنها ولا شك في هذا منظر أخاذ لا نجده إلا في القليل من مدن الشمال الإفريقي”
الكاتبة والرحالة البريطانية إيثيل براون – 1914
“القلعة هي أهم بناية في مدينة طرابلس, وهي تمثل كل الحقب التاريخية التي شهدتها ليبيا, يقول البعض أن من بناها هم الاسبان في القرن السادس عشر, لكن الآثار المتبقية منها تقول تدل على أنها أقدم من ذلك بكثير, جدرانها الخارجية عالية وسميكة لأن القلاع في القرون الوسطى كانت حصونا منيعة ضد الهجمات التي تأتي من البحر أو اليابسة
دخلنا إلى غرفة خاصة بالأرشيف في القلعة .. إنه مكان عجيب حقا عندما وصلنا إليها جوبهنا برائحة تحمل عبق الحقب التاريخية التي تعاقبت على هذا المكان, كنا نسير على أرضية مغطاة بالوثائق والمخطوطات, وقد كدس جزء منها على جوانب الغرفة فارتفع حتى وصل إلى السقف”
ــــــــــــــــــــ
نقلا عن: مجلة History of Libya
العنوان الأصلي للمجلة: ” مجموعة اقتباسات تحكي جانبا من تاريخ قلعة طرابلس “السراي الحمراء””