في مديح الحياة .. في مديح الحرب
مروان العياصرة
كان أمير الكوميديا اللاتينية بلاوتوس يقول: ( العقل الراضي أفضل مصدر للمتاعب ).. إلى هذا الحد يمكن أن يكون الرضى “مغشوشا” وخدّاعا.. وإلى هذا الحد يجب أن يكون مستوى القلق..
الشعوب تستطيع أن ترضى لسنوات طويلة دون أن يرف لها جفن، كما يحدث دائما لدى شعوبنا العربية، التي ما زالت تمارس الرضى بقلب متعب وعقل مشبع بالشعارات وأرواح “طويلة” وشغوفة بالصبر والانتظار.
والشعوب تستطيع أن “تبلع” – بمزاج جيد – سياسات بكُلف باهظة في المال والأعمال والمشاريع الفاشلة وخطط التنمية العصية وانسداد أفق “الحل”..، ويمكنها أن “تصفق” بيد واحدة إن شاءت، وتصفع أو تضرب بقبضتين اثنتين معا.. لأن “مسافة الرضى” ليست طويلة في عمر الشعوب، وإن كان بُعد السنين يبدو طويلا وفارقا.
طريق الشعوب دائما شاقة، ومرهقة ومليئة بالغبار والمكائد والفقر والمختنقات.. وكثيرون ذهبوا ولم يعودوا.. وكثيرون تركوا أسماءهم خلفهم، وكثيرون أخذوا يقينهم معهم، يقينهم الذي ما آمن يوما بالسياسة التي تنجح دائما في إدارة الأزمات لكنها تفشل بجدارة في صنع الحلول.. فعن أي حل نتحدث “ليبياً” .. إذا كان لكل هذه الحلول كل هذا الضجيج الفاحش الذي يعكر نهارات الناس ويُفسد محاولاتهم في مديح الحياة.. لصالح مديح الحرب
قيل إن “السياسة التطبيقية تتألف من تجاهل الحقائق”، كما أن “كل محاولات تجميلها – أي السياسة – تنتهي بالصراعات والحرب” حسب والتر بنجامين، انظروا إلى كل هذه الحكومات.. وما آلت إليه وقائعها على الأرض..
هنا، وحين لا يبقى لدى الناس إلا هذه الأرض، سيكون مستوى الرضى أقل بكثير من أن يسمحوا أن يخسروا أكثر.. إذ للخسارات حدود قد تتعدى رغيف خبز أو حفنة “سيولة” أو حبة أسبرين، أو طمر حفرة في شارعٍ قَلِقٍ، لكنه لن يتجاوز الأرض والمقدرات والكرامة، فدون ذلك ما هو أوجع من “خَرْط القتاد” كما تقول العرب..
يبدو الوجود المتعدد للحكومات المطبوعة بالانقسامات والصراعات ضرب من مديح الحرب.. فيما يبدو الصبر والتحدي ومقاومة فساد اعتقاد السياسة ضرب من مديح الحياة.. فلتحيا الحياة إذن..