في الذكرى الـ70 لاستقلال ليبيا.. تأجل حلم أول انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد
يحتفي الليبيون بالذكرى الـ70 لاستقلال بلادهم في مثل هذا اليوم من عام 1951م.. واحتفال الرابع والعشرين من ديسمبر هذا العام ليس ككل ما سبقه من سنوات، حيث كان الليبيون يُمنّون النفس بأن تقترن الذكرى الخالدة بانطلاق أول انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد، لكنها فرصة أخرى تسرّبت من أيدي الليبيين بعد إعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات تأجيلها إلى الرابع والعشرين من شهر يناير 2022، الذي يطرق أبواب خيبة ليبية أخرى.
أعلن الملك الليبي الراحل “محمد إدريس السنوسي” في مثل هذا اليوم قبل 70 عاماً من شُرفة قصر المنار في مدينة بنغازي، أن ليبيا أصبحت دولة مستقلة حرة ذات سيادة، تتويجاً لنضال الليبيين، وتنفيذاً لقرار هيئة الأمم المتحدة، بفضل الجهود الجبارة للآباء المؤسسين الذين جمعتهم لجنة الستين وقوامها أعيان ووجهاء من كافة ربوع البلاد الناهضة، في حدث تاريخي مهم في حياة الشعب، انتقلت فيه ليبيا إلى مصافّ الدول المستقلة، ذات السيادة الكاملة العضوية في الأمم المتحدة، لها نظامها السياسي وعلمها ونشيدها، وكل مؤسساتها السيادية والإدارية، رغم مواردها الشحيحة قبل اكتشاف النفط، ودرجت منذ ذلك اليوم في طريق البناء والتنمية.
ويستحضر الليبيون اليوم تاريخ ما سطّره الآباء المؤسسون مجداً على جبين الوطن، بقيام المملكة الليبية المتحدة التي تأسست على نظام ولايات ثلاث تحت حُكم ملك زكّاه كل الشعب وكانت في طريقها إلى أن تكون مملكة دستورية، لكن المطاف يصل بها -بعد اكتشاف النفط في 1958 وأول إنتاج في 1961- إلى إلغاء النظام الفيدرالي في 1963 وإعلان المملكة الليبية، فكان آخر عهد بالحياة الحزبية والانتخابات التشريعية، وما هي إلا سنوات ست لتستيقظ البلاد الليبية صبيحة 1 سبتمبر 1969 على انقلاب عسكري قاده مجموعة من الضباط الشباب لتطيح حركتهم المتأثرة بالمد القومي العربي بالملك والمملكة وتدخل ليبيا في 4 عقود من التجارب والمغامرات العبثية، أُلغي على إثرها الدستور وحلّت محله الفوضى السياسية التي قضت على أي أمل في قيام دولة مؤسسات حقيقية، وحتى بعد نهاية حقبة القذافي باندلاع ثورة 17 فبراير لم تهدأ البلاد وما كادت تتنفس الصعداء، إلا لتدخل في صراعات عبثية أخرى تتواصل للعام العاشر على التوالي من حروب وصراعات على السلطة وأخرى في مقارعة الإرهاب غذتها أطراف خارجية.
عقد الليبيون عزمهم في آخر مطاف العشرية الراهنة على جولات مكوكية لحوارات ووفاقات سياسية عبر عواصم العرب والعالم، انتهى بها المشوار بالاتفاق على مسارات متوازية ثلاث، سياسي وأمني واقتصادي، كانت آخر محطاتها جنيف السويسرية، فكان موعد 24 ديسمبر 2021 يوم الأمل لكل ليبي وليبية ليخوضوا تجربة أول انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد بالتزامن مع انتخابات تشريعية لبرلمان جديد، لكن رياح التدخلات والخصومات المحلية والإقليمية جاءت بما لا تشتهي سفن الليبيين الذين كان يحدوهم الأمل في الخلاص، المحيل إلى انتظار آخر، وعاؤه الزمني شهر من زمن المحاولات، لا أكثر لانطلاق انتخابات عامة نحو بناء الدولة الرشيدة بعد سنوات جمر وشقاء .. لِمَ لا؟