في الذكرى الثامنة للتحرير: شرعية الفوضى والفساد تُعكّر صفو ليبيا
تقرير 218
كان من المتوقع أن تكون الذكرى الثامنة لتحرير ليبيا، مناسبة سعيدة على الليبيين والليبيات، وهُم يحتفلون بها، مفتخرين بأحلامهم التي تحققت، دولة مؤسسات لا دولة الفوضى وانتشار السلاح.
هذا لسان حال من ذاق الويلات والخيبات المتتالية على مدار الأعوام الماضية والحالية، وهو يشاهد مجلسًا رئاسيًا يتفاخر بشرعيته الدولية، ومجلسًا اسمه مجلس النواب بشرعيته الشعبية، وآخر يُقدّم نفسه على أنه السلطة الأعلى، دون أن يكشفوا عن حقيقة الأمر لكل الليبيين: أن لا وجود لهم على أرض الواقع.
وللخيبات حكايات القاسية بدأت مبكرا في ليبيا، بعد إعلان تحريرها، حين أعلن المؤتمر الوطني العام، صرف الملايين والامتيازات للجماعات المسلحة والمتطرفة تحديدًا في بنغازي ودرنة، في الوقت الذي كان فيه الليبيين والليبييات يطالبون بتفعيل المؤسسة العسكرية المتمثلة في الجيش، والبدء في دعم المؤسسات الرسمية في كل ليبيا.
لكنّ الحكاية لم تذهب إلى النهايات السعيدة، بل تفاقم حال عموم الليبيين، وهُم يرون اخوتهم يُقتلون على عتبات الشوراع في كل مدينة وصل إليها خطر الإرهابيين، الذين كان يصفهم بعض أعضاء المؤتمر الوطني بـ”الثوار” لا المتطرفين، في إشارة واضحة أنهم ضدّ أي مؤسسة رسمية تحافظ على الدولة وشعبها.
ومن بعدها، جاء مجلس النواب، والذي كان طوق نجاة إلى برّ الأمان، إلا أنه خيّب الآمال هو الآخر، ودخل في ألعابه السياسية، تاركًا الأبواب مفتوحة على مصراعيها، ولم ينجح في أي رهانٍ حقيقي، بما فيها، فشله المتكرر في جمع أعضائه تحت قبّة واحدة.
في كل هذه الملهاة التي صنعها ساسة ليبيا، على مدار أعوام، كان فيها أفراد الجيش يتأهبون لإعلان عملية ضد من قَتَل ضباط الجيش وكفّر الليبيين، وحاول أن يُبسط سيطرته بقوة الدم وقطع الرؤوس.
وبدأت العملية العسكرية، في مدينة بنغازي، وكانت بداية النهاية لأحلام أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة وداعش بالسيطرة على ليبيا، بفضل ضباط وضباط الصفّ في الجيش الليبي، الذي أعلنوا الحرب على كل الإرهابيين، في عملية كانت صدمة قاسية على من اعتقد يومًا، أن ليبيا لا تملك مؤسسة عسكرية ورجالا قادرين على تغيير قواعد الاشتباك، وإقحام كل الذين خذلوا الليبيين في زاوية ضيّقة. وكشف جميع آلاعيبهم.