فيروس كورونا ولُعبة التصريحات في ليبيا
حمزة جبودة
لا يُمكن إنكار حالة الهلع العالمي بعد انتشار فيروس كورونا في عدة دول، ولا إنكار حالات الإصابة المتسارعة كل ساعة، زد على ذلك تأجيل الاجتماعات والمحافل الدولية الرياضية والفنية والسياسية. لأن حالة الإنكار ذاتها يعني أننا لا نستوعب ما يحدث لنا جميعًا، بعد أن فاجأ الفيروس الدول المتقدمة علميًا ووقفت عاجزة أمامه حتى اللحظة.
في ليبيا، الأمر أخد منحى مختلفًا عن جميع دول العالم، نظرا لوجود حكومتين ووزارتين للصحة، وهو الأمر الذي أثار حالة من اللغط والشكوك حول وجود الفيروس في ليبيا.
الأمر الأكثر خطورة في ليبيا، أن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، الذي يكافح بشكل يومي لمنع دخول الفيروس إلى ليبيا، لم يأت على ذكر أي موقف صادر من قبل حكومة الوفاق أو الحكومة الليبية “المؤقتة” سابقا، تؤكدان فيه عدم وجود الفيروس في ليبيا أو العكس. وهذا الأمر أدّى بطبيعة الحال، إلى فوضى في التصريحات، وهو ما جعل الناس تتساءل من الجهة الرسمية المخولة بإعلان النفي أو التأكيد.
قبل أيام، كان الرِّهان الأول للمركز الوطني، بعد أن تواردت أنباء عن احتمالية وجود مصابين بفيروس كورونا. وبصراحة تامة، تعامل المركز كان سريعًا مع الأخبار الواردة، ونفاها بشكل قاطع. ومن الطبيعي أن لا يصدر أي تصريح آخر بالخصوص، من أي جهة في الوفاق أو المؤقتة، بعد نفي المركز. وهُنا الخطأ الأول في إدارة الأزمة التي يديرها المركز.
من الخطأ التفاخر أو إبراز الجهود على حساب المصداقية لدى الناس في ليبيا، خصوصا في ملف مُعقّد مثل فيروس كورونا. نتفهم العمل الذي تقوم به وزارتا الصحة في الوفاق والمؤقتة، ونحترم حرصهم على طمأنة الناس وحراكهم اليومي.
ولكن كان من المفترض، أن يُكرّر ويُجدّد المركز الوطني لمكافحة الأمراض، للجهات الصحية في ليبيا، تعلمياته الصارمة لهم، بمنع أي تصريحات حول النفي أو التأكيد على وجود الفيروس في ليبيا، وأن أي تصريحات يجب أن تتم عبر صفحة واحدة على مواقع التواصل، وهي صفحة المركز، المعني والممثل الوحيد في أزمة كورونا.
عشوائية التصريحات، طالت بعض صفحات المستشفيات الليبية على الفيسبوك، فهي الأخرى دخلت على خط الأزمة، وأصبحت تطلق تصريحاتها عن كورونا.
المطالبة بإعلان صريح وواضح، عبر الفيديو للمركز الوطني لمكافحة الأمراض، بأنه المعنيِ الوحيد والمخول لإعلان النفي أو التأكيد، يعتبر ضرورة مُلحّة، لأن الأمر قد يأخذ منحى أكثر تعقيدًا، إن بقِينا على هذا الحال، الأمر لا يحتمل التأجيل.