“فورين بوليسي”: لماذا انتصرت تركيا في طرابلس؟
تحت عنوان “من يريد حقاً الحرب في ليبيا؟” تساءلت المحامية والمختصة في شؤون الأمن القومي إيرينا تسوكرمان في مقال تحليلي مُطوّل نشرته مجلة “فورين بوليسي”، عن العوامل التي كانت وراء تقدّم قوات الوفاق مدعومة من تركيا في طرابلس، واحتقان الأجواء على الصعيد الدولي حول ليبيا.
ويُشير المقال إلى الدعم السخي الذي قدمته تركيا لقوات الوفاق من أسلحة وأنظمة جوية وطائرات محلية الصنع، التي تُنتجها تركيا داخل مصانعها وبأقل التكاليف، كما سلّطت الكاتبة الضوء على سرعة نمو نظام الدفاع التركي، وتحديداً منذ عام 2003، ما جعل تركيا تمتلك نقطة قوة في ليبيا، مُقابل حاجة الجيش الوطني والأطراف الداعمة له لشراء الأسلحة باستمرار ودفع مبالغ طائلة لمواصلة القتال.
وتقول تسوكرمان نقلاً عن الصحفي المصري ثروت منصور، أن الدُول التي تُقلل من قدرة تركيا القتالية، غالباً ما ينتهي بها الحال للخسارة أمام أسلحتها المُتقدمة، مضيفة أنها تقترب من الاكتفاء الذاتي الكامل في هذا المجال في غضون 15 عام تقريباً، وفقاً لمُعدلات إنتاج وتطوير الأسلحة الذي تسير به منذ سنوات، وهو ما قد يُفسّر “تهور” سياسات الرئيس رجب أردوغان الخارجية.
ورد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على إشارات التصعيد التركي بإعلانه أن التدخل العسكري في ليبيا بات “مشروعاً”، ما أثار موجة من التكهنات حول احتمال نشوب حرب مباشرة بين مصر وتركيا. وصعّدت فرنسا من لهجتها ضد تركيا وتدخلها “العدواني” في ليبيا.
حتى هذه اللحظة، اعتقد الكثيرون في تركيا وفي دوائر حكومة الوفاق أن مصر تتقبل وجود تركيا في غرب ليبيا ، فكان تعليق الرئيس السيسي على أن سرت خط أحمر بمثابة دعوة للاستيقاظ. وفي الواقع فوجئ بعض حلفاء مصر في الغرب باستعدادها للدفاع عن كل ليبيا، وليس فقط الشرق القريب من حدودها لحماية مصالح الأمن القومي، وهو ما جعلهم يعيدون تقييم موقف مصر باعتبار أن ليبيا كاملة تشكل مصدر قلق للأمن القومي لمصر، وليس الشرق فقط.
ولفت التحليل إلى سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “المرتبكة” في ليبيا، في وقت يرى فيه مراقبون أنه يتم التلاعب به من قبل جماعات الضغط ومستشارين سياسيين على صلة بالإسلاميين الذين تربطهم علاقات قوية بتركيا، مُستغلين افتقار ترامب إلى الخبرة السياسية خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.
ويُضيف المقال أنه لو وافق المشير خليفة حفتر على إجراء انتخابات قبل إطلاق عملية طرابلس، لكان قد حقق فوزًا كاسحًا على منافسيه، لغضب الليبيين حينها من حالة الفوضى السائدة، لكن أغلبهم اليوم بات غاضباً من حفتر لاعتقادهم بأنه كان من الممكن تجنب الخسائر البشرية التي أسفرت عنها مواجهات طرابلس.
ولفت التحليل إلى صعوبة رأب الصدع وإنهاء الانقسام الدولي بسرعة في ليبيا إلى جانب التوتر الذي تعانيه الولايات المتحدة مع حلفائها الأوروبيين بشأن السياسات المتعلقة بإيران الأمر الذي يعطي مساحة لروسيا لتوسيع نفوذها مع مصر، ولتقوية جذورها في جميع أنحاء شمال أفريقيا