فقد وخوف وروايات.. “218” تقترب من نظرة الكُتاب والشعراء لـ 2020
خاص 218| خلود الفلاح
كان لانتشار فيروس “كورونا” الأثر السلبي علينا كبشر، فقدنا أحبة بسبب الفايروس، عطلت الحياة؛ولعل التواصل عبر التقنية كان البديل، ولكن سرعان ما فقد الوهج، بسبب فقدان روح المشاركة.
مع قرب دخول عام جديد. كيف مرّ هذا العام؟ وما الكتب التي أنست تلك العزلة الإجبارية.
خوفٌ مستمرٌ
يقول أستاذ الأدب والنقد الدكتور محمد ملودة: عام 2020 ، كان فعلاً مختلفًا، الجميل فيه هو توقف الحرب، الحرب الخاسرة التي ينخرط فيها أبناء مدينتي ونخسر بسببها زهرة شبابنا بعضهم اقربائي وبعضهم جيراني وبعضهم طلابي وفقدهم ألم ووجع كبير وأحس أنه كان بالإمكان منعهم من هذا الموت المجاني ولكن جبنا عن الكلام والفعل.
وأضاف: عام 2020 ، كان مختلفا بسبب بقاء الأولاد بالبيت وهي تجربة جديدة كانت المدرسة متفضلة علينا ونحن لم نكن نحس بذلك، عام 2020، كان مختلفا حيث الخوف المستمر من هذا الكائن المخيف الذي عطل الحياة ومعاناتي كانت مضاعفة كذلك مخاوفي فأنا أعاني من السكري والضغط والربو وهي بحسب كلام الأطباء من دواعي الخطر، تصور أنك تعيش في وسط لا يعترف بوجود الفيروس ويراه مؤامرة ويهزأ بالتحوطات الصحية وفوق هذا مرافق صحية متهالكة ونقص أدوية بالتأكيد كان ولا يزال الخطر والخوف كبيرين ونسأل الله السلامة، الوقت الطويل بالبيت أتاح لي معاودة قراءة إبراهيم الكوني قرأت له ثلاثة أعمال مؤجلة: المجوس والسحرة، ونداء ما كان بعيدًا.
قصائد ودراما وسينما
من جهته، قال الشاعر يوسف عفط: هذا العام كان مفخخا، فقد دخل وباء “كورونا” على وباء الحرب، وربما عن نفسي وكوني لست اجتماعيا من الأساس فلم يتغير الأمر كثيرًا على صعيد الحركة والتنقل، ولكن القلق الكبير والخوف على من هم حولك يجعل الأمر مختلفا تماما، وربما الجانب الاقتصادي كان أكبر مساهم في هذا القلق في بلد بالكاد يعرف كيف ينفذ سياساته في الظروف العادية، فما بالك في الأزمات.
وأضاف: أما بالنسبة للعلاقة مع الكتاب فقد دأبت في الآونة الأخيرة، على كتب التخصص في مجال الإعلام والدراما، وتحديدًا فيما يتعلق بالإعلان الإذاعي والتلفزيوني، الكتابة للراديو والتلفزيون، وبعض الكتب في النقد الدرامي، وقد كانت الدراما والسينما حاضرتين أيضا، فقد شاهدت عديد الأفلام والمسلسلات في فترات الحجر، وكتبت قصيدتين هذا العام “نقش على تفاصيل قمر أسمر”، و”لغز المدينة”.
حزن وفقد
ويعترف المدير التنفيذي للجمعية الليبية الإيطالية للثقافة والفنون مراد الهوني بأنه تمكن من التعايش مع تداعيات هذا الوباء باتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهته ومنها التقليل من التقارب الاجتماعي وحصر المشاركة في بعض النشاطات الثقافية إلى أدنى حدودها وتخصيص وقت أكثر للقراءة والمطالعة وسط جو أسري أكثر دفء من ذي قبل.
وقال: في الحقيقة لم أقراء كتاب معين بل مجموعة من الكتب والوثائق التي تناولت تاريخ السينما في ليبيا وهو موضوع المحاضرة القادمة التي أعد لها قريبا، وبالرغم من الألم العميق والحزن الذي أشعر به تجاه من فقدناهم بفعل هذه الجائحة ومن مازال يعاني من آثارها، وكلى أمل بانحسار هذا الوباء اللعين وعودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل 2020، وتمنياتي للجميع بعام كله رخاء وازدهار.
وأضاف: لا شك أن الخوف من انتشار وباء “كورونا” في العالم وفي ليبيا قد أربك الحياة العامة وحياتنا خصوصا وفرض علينا نظام للعيش يختلف تمام الاختلاف على ما عهدناه سابقًا.
الإلكتروني كسر العزلة
وقالت الناقدة المغربية خولة الزلزولي: عام 2020، استثنائي بكل المقاييس، هو عام فيروس كورونا الذي شغل الجميع، وأنهك الدول صحيا واقتصاديا وفرض عليها تدابير احترازية غير مسبوقة.
وأضافت: بالنسبة لي، وبعد فرض الحجر الصحي في بلادي، نما لدي قلق من هذا الوباء الغامض، والذي سرعان ما تحول إلى جائحة. ومثلي مثل عدد من الناس المنتمين إلى جماعات بشرية عبر أمصار العالم، وجدت نفسي أعيش لحظات رعب وقلق وضغوطات نفسية بسبب حجر قاس غير مسبوق، حيث وجدتني محرومة بسبب الفيروس الديكتاتوري القاهر من التمتع بالحياة.
وأردفت: قضيت فترة الحجر الصحي في البيت طبعا، وبدا من الضروري الانخراط فيما تتطلبه المرحلة من وقاية وعزل، لأن سلامة أحبائي هي من سلامتي، علاوة على ذلك فقد حل محل التواصل الاجتماعي الجسدي، التواصل الإلكتروني بغية تكسير قيود العزلة التي ألمت بي. صحيح أن هذا الفيروس أوقع ضحايا كثر، وهذا مؤسف جدا بالنسبة لي وللجميع، مع ذلك يمكن أن نقول إن سنة “عشرون-عشرون” دفعت الإنسان ربما إلى التفكير في سبب وجوده في هذه الحياة، بما أن مخلوقًا صغيرًا لا يرى بالعين يمكن بين لحظة وأخرى أن يقضي على حياته، كانت فرصة أخرى لمراجعة فردانيته المفرطة والمتوحشة، وإعادة النظر في علاقاته الإنسانية والأسرية، وترتيب أولوياته.
وتابعت: الكتب التي آنستني في ظل التباعد الاجتماعي والبقاء في البيت. بداية أرى أن تحل عبارة التباعد الجسدي محل التباعد الاجتماعي؛ لأنها صيغة جوهرية أكثر ملاءمة في نظري. وفي الواقع، لقد فرض علي الحجر أن أتعامل مع ما يدور حولي، ولم أجد خير جليس وأنيس من الكتاب الذي نسجت معه علاقة جديدة خاصة.
عملٌ.. لكن بحذر شديد
من جانبه، قال الشاعر مفتاح العلواني: الحقيقة لابد وأن الكل يعرفها. وأنها تكررت في كتابات الكثيرين وتأففهم وانزعاجاتهم. أن سنة 2020 ، كانت سنةً ممتلئة بالمفاجآت. ونحن هنا لا نقصد بالطبع المفاجآت السارة بقدر ما المفجعة منها. كانت ناضحة بالأحداث الغريبة. بالحروب. بالدماء. بالانهيارات الدولية. بالأمراض. والتي كان آخرها الغني عن التعريف “كوفيد19″، الذي ظهر هكذا من فجأة ليتمترس العالم أجمعين. كلٌّ خلف كمامته. متوجساً خائفًا حذرًا حتى من عطسةٍ بالقرب منه. ثم فرض الحجر المنزلي لعدة أشهر ليلازم الناس منازلهم يمارسون ما يمكن أن ينسيهم مرارة ما يشبه السجن.
وأضاف: لقد مرت سنة 2020، عليّ بشكل يبدو غريباً نوعا ما. فبحكم طبيعة عملي القضائي لم يكن باستطاعتي التزام الحجر بشكل متواصل لإتمام الكثير من القضايا العالقة. ناهية عن متابعتها وما يترتب عن التراخي عنها من مسؤوليات وضياع حقوق، لذلك كان عملنا مشوبًا بحذر شديد وتوجس واحتياطات شديدة على الصعيد الشخصي والعملي، ثم إكمال ما بقي من عمل في البيت، هذا بالإضافة لاستغلال فترة الحجز والعطلات الرسمية الممنوحة بسبب جائحة كورونا في إنجاز الكثير من الأعمال المؤجلة، لا سيما وأنه توفر وقت أكثر من مناسب لممارسة أنشطة عديدة، حيث قرأت العديد من الكتب التي كان الوقت ضيقاً لإكمالها من روايات عربية أو مترجمة والدواوين الشعرية خاصة ما يتعلق منها بالنثر. وبعض كتب اللغة العربية من نحو وصرف، ناهيك عن ممارسة الكتابة الشخصية بكثرة أيضًا ومشاهدة أفلام وثائقية في شتى المواضيع ولا غنى لي دائماً عن ممارسة الرياضة أيضًا.
وأردف: النصائح الطبية حينها نصحت بممارسة الرياضة بكثر حماية للجهاز المناعي مما زاد من فرصة ممارستها أكثر.
وتابع: كانت سنة مليئة بالخوف، بالترقب بانتظار انفراجات في كل النواحي التي أغلقت فجأة. برغبة في الاستفادة من البقاء في البيت أكبر قدر ممكن. واستغلال هذه الفرصة في كثير من الأمور التي كانت زحمة الحياة تلهينا عنها ربما نجحنا ولو قليلاً في ذلك، لكن ما خلفته هذه السنة في صدورنا من مخاوف وتحذيرات وقرارات حكومية احترازية ووفيات بالملايين من الناس سوف لن ينسى.
وقال “العلواني”: سيبقى تجربةً قاسيةً علينا وعلى كل من فقد حبيباً له. كما نرجو أن تكون السنة القادمة أفضل وأكثر راحة ومليئة بما يمكن أن يزيح عن صدورنا بعض الخيبات وآثار الإحباطات المتكررة.
حب السينما
بدورها، قالت الكاتبة أحلام المهدي: التواصل عبر التقنية يفتقر إلى الوهج، تماما كما شاهدنا هذا العام مباريات في الدوريات الأوروبية لا روح فيها، اللاعبون أنفسهم لكن غياب الجمهور وضجيجه المتفاعل مع حركات وسكنات النجوم على العشب كان ينقل هذه الملاحم إلى أزمنة وأمكنة أخرى، غاب صوت الجمهور الذي نعشقه وحضرت بقوة صرخات المعلقين المبالَغ فيها حد التقزز.
وأضافت: في فترات الحجر ظلت علاقتي بالكتاب كما هي، لم تغيرها الظروف، خاضعة كليا لمزاجي ورغبتي، أقرأ فقط ما يجذبني من أول صفحة إلى آخر صفحة وبالتالي لا يعنيني هذا الهوس بالكتب سواء كان حقيقيا أم لا، رأيي دائمًا أن من يقرأون كثيرا لا يملكون الوقت لإحصاء الكتب التي قرأوها والتقاط السلفيات معها، في المقابل توطدت علاقتي مع حب قديم “السينما”، تضاعف عدد الأفلام التي شاهدتها هذا العام كثيرًا عن السنوات الماضية، هذا أسعدني جدًا وحملني بعيدا رغم كل الظروف. في المستقبل لن أذكر هذا العام لأن “كوفيد 19” أرهقنا كثيرًا، لكنه سيلتصق بذاكرتي لسببين: جائزة مفتاح بوزيد التشجيعية للصحافة في دورتها الرابعة ومجلة ماريش التي لم ترَ النور بعد.
تخطيط واسكتشات
وقال الفنانة التشكيلية نجلاء الشفتري: هذا العام كان عاماً استثنائيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جعلنا ننظر إلى دواخلنا أكثر، نستشعر مفرداتها ومكنوناتها، كان عام متضارب حد الجنون عبر بنا في مغامرة من حدود الموت والخوف إلى أطراف الفرح والسرور.
وأضاف: في هذا العام كل الاحتمالات موجودة، الفقد أصبح طقس يومي وأبسط متع الحياة شحت، الهواء، والشمس، والبحر، والمقاهي والمارة. هو في الحقيقة درس مهم ومفترق طرق لكل إنسان، بمعنى “لا شيء ثابت…لا شيء دائم”، تعلمنا أن نقدر كل النعم وأن نثني على وجودها في حياتنا “أشخاص، أو أشياء”.
رغم الجائحة كانت لي في بداية العام مشاركتين فنيتين الأولى في طرابلس والأخرى هنا في ايطاليا في مدينة فلورنسا. والحمد الله وفقت في المشاركتين، أيضًا اشتغلت على الكثير من الاسكتشات والتخطيط والقراءات المتنوعة أذكر هنا راوية حالة حرجة للمدعو ك، وحكايات ما بعد النوم، وجلالة السيد غياب، والسماح برحيل. والوقت الأهم كان مع العائلة والاهتمام بهم.