فرنسا باص عيون
رمضان كرنفوده
استطاعت الدبلوماسية الفرنسية إبراز دورها في الملف الليبي بل ربما نقول هي من يمسك بزمام المبادرات لحل الأزمة السياسية الليبية منذ 2011 وحتى الآن. وهى لا تخفي تدخلها في ليبيا من خلال دعمها للمشير خليفة حفتر من جهة إلى تأكيدها أن حكومة الوفاق الوطني التي خرج بها الاتفاق السياسي في الصخيرات هي حكومة الشعب الليبي الشرعية.
وقد آثار نجاح فرنسا في السيطرة على ملف الأزمة الليبية، جنون وغضب بعض الدول خصوصا إيطاليا التي أعلنت ذلك علنا من خلال تصريحات وانتقادات موجهة عبر الصحف الإيطالية حول كل ما تقوم به فرنسا بالملف الليبي وجمع الأطراف الليبية في باريس أكثر من مرة والتي لم تفلح إيطاليا فيه.
رغم ذلك، فإن فرنسا سبب في الأزمة الليبية خصوصا في ملف الهجرة غير شرعية خاصة أن بعض المختصين وجهوا الاتهام إلى فرنسا التي تغض النظر عن تدفق أعداد المهاجرين عبر حدود النيجر إلى ليبيا، حيث أن قاعدتها العسكرية في منطقة “مداما” النيجيرية تبعد عن الحدود الليبية 70 كيلو مترا وهذه القاعدة تعلم وتشاهد كل شيء يدخل إلى ليبيا لكنها لا تبادر بوقف تدفقات المهاجرين شمالا.
هناك غموض في الدور الفرنسي في ليبيا خصوصا حول المبادرات من أجل جمع الفرقاء أو أقطاب الأزمة الليبية رغم أنها استطاعت أن تجمع كل الفرقاء إلا أن الاجتماعات لم تكن على أرضية الواقع وآخرها اللقاء الأخير الذي جمع الأقطاب الأربعة للأزمة السياسية في ليبيا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي والقيادة العامة للجيش فى ليبيا واستطاعت أن تجلسهم على طاولة واحدة.
الغموض في المبادرات الفرنسية يتمثل في عدم وجود أي حل في الأزمة الليبية ولم يستطع الفرقاء في اللقاء الأخير التوقيع على نقاط أو مواد تلزم الأطراف ليبيا بمخرجات تلك المبادرات والدليل على ذلك تصريحات خالد المشري وتصريحات عقيلة صالح بعد اجتماع باريس الأخير إلى جانب كلام السراج أن اتفاق باريس لن ينجح دون توقف التدخل الخارجي في ليبيا وهذا الحديث من شخصية مثل فائز السراج يدل أن العصا الخارجية في ليبيا تضرب في كل مكان.
بعض التصريحات من أعضاء مجلس النواب والسياسيين عن مخرجات باريس لا يمكن تطبيقها على الأرض بسبب غموض بعض النقاط فيها خصوصا حول الانتخابات، كيف سيصدر القانون الانتخابي، هل بعد استفتاء الليبيين على مشروع الدستور الموجود في الإدراج أسفل قبة مجلس النواب، وهذا سيثير جدل كبير داخل مجلس النواب وخارجه أو الرجوع إلى الإعلان الدستوري في عام 2011 وهذا يعني أن الانتخابات ستكون لمرحلة انتقالية أخرى لكن هذه المرة تختلف بحيث تكون مرحلة انتقالية برئيس دولة ومجلس نواب وحكومة.
فرنسا تحاول ضمان مصالحها في ليبيا من خلال قدرتها على جمع الأطراف السياسية للجلوس جنبا إلى جنب رغم الاختلاف الكبير بينهم في الاتجاهات السياسية والفكرية وهى تلعب بلعبة الليبيين “باص عيون”.