عودة أشباح الماضي
سالم العوكلي
مَن يُؤيدون سيف الإسلام، يُبررون ذلك بكون مَن جاؤوا بعد نهاية النظام السابق لم ينجحوا، وهذه مغالطة، لأن ما حدث خلال هذه العشر سنوات كان تداعيات طبيعية لأسلوب النظام السابق في الحُكم والذي حَكم فيه الأب 41 سنة وشاركه الابن المرشح عشريناً منها، وتركوا البلد دون بدائل آمنة للانتقال، تركوها بعد ثورة شعبية ضدهم دون دستور أو قانون يضبط المجتمع، أو مؤسسات، أو قضاء مستقل، أو أي مرجعية سياسية، لأنهم فصّلوها على مقاس العائلة والحاشية، وربطوا عمرها بأعمارهم، وهيأوا ليبيا لتكون أرضاً محروقة بعدهم.
نعم العقود السابقة سيئة والعشر سنين أيضاً سيئة، ولكن هذا لا يعني أن نعود من الأسوأ إلى السيئ، أو من السيئ إلى الأسوأ، لأنه دائماً هناك خيار آخر، والانتخابات الرئاسية التي ستُجرى لأول مرة في تاريخنا تُقام من أجل هذا البديل الآخر، ومن أجل أجيال أخرى لها أحلام مختلفة، مندمجة في العالم الرقمي وفي روح العصر، وترتدي الملابس الحديثة وتُغنّي الرّاب ولها جمالها القيميّ المختلف، ولا تحلم بأشباح الماضي، أو بهندام شخص كأنه قادم من الكهوف، بخطابه التهديدي الذي يصف معارضيه بالكافرين علناً في أول ظهور له.
لا بد أن تُعطى الفرصة للمرأة وللجيل الجديد ليتصدروا المشهد.
ما حصل يُشبه وضع السجناء الذين حفروا نفقاً للخروج من السجن، وبحجة أن هذا النفق مظلم ومُتعب، اختاروا أن يتوقفوا ويعودوا إلى الحبس الانفرادي، بدل الاستمرار في الحفر قُدماً، وتحمُّل كل الصعاب من أجل الوصول إلى الهواء الطلق. إنّ نفوذ سيف الإسلام ومكانته مُستمدَّة فقط من كونه ابن الحاكم المُطْلق، ووالده مات، وما عاد في الواقع يملك أي مؤهلات سوى اللعب على الولاء القبلي وعلى الدّين كأي قائد من قادة طالبان، شكلاً وخطاباً.