عوائق جوهرية تُبقي ليبيا بعيدة عن الانتخابات
وسط ضبابية المشهد السياسي وتوترات المشهد العسكري ما يزال هنالك من يرى بصيص أمل في إجراء انتخابات تنهي الأجسام الحالية وتستبدلها بأخرى ترتكز في وجودها إلى شرعية الشعب، غير أن ثمة جملة من العوائق تحول دون ذلك.
ولا يختلف اثنان من حيث الأصل والمبدأ على أن الانتخابات وإرجاع الرأي للشعب باعتباره مصدر السلطات يمثل حلاً لأي إشكالية مجتمعية عالقة ذات بعد سياسي أو عسكري، غير أن الحالة الليبية اليوم قد لا تنجح فيها الانتخابات، لعدة عوائق فنية وسياسية.
ومن بين العوائق الحالية التي تمنع إجراء الانتخابات هي جاهزية المفوضية، فرئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح قال إنها غير جاهزة لإجراء الانتخابات بسبب قلة الإمكانات وغياب التمويل مضيفاً أن حكومة الوفاق تمارس الضغط على المفوضية منذ 5 سنوات حتى وصل الحال بالمفوضية إلى درجة أنها غير قادرة على إدارة شؤونها العادية.
وجاء حديث السائح عن العائق الفني للمفوضية بعد كلمة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج الأخيرة التي تحدث فيها عن إجراء انتخابات تنهي الوجود الحالي للأجسام السياسية، وهو نفس المضمون الذي جاء به بيانه الصادر في نفس اللحظة التي أصدر فيها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بياناً اتفق فيه مع بيان السراج في أكثر من نقطة.
والعائق الآخر أمام إجراء الانتخابات يتمثل في الوثيقة الدستورية التي سترتكز عليها العملية الانتخابية القادمة، والجهة التي سوف تصدر هذه الوثيقة، فضلاً عن الخلاف القائم سياسيا واجتماعيا وثقافيا والذي وصل حد التطاحن بسبب مخرج الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور التي أصدرت وثيقتها وعرضتها على مجلس النواب، لكنها لم تحظى بالإجماع سواء من مكون الأمازيغ الذي قاطع كتابتها من البداية، أو تكتلات سياسية وجهوية تعتبرها مجحفة وظالمة وقد فصلت على مقاس مجموعات بعينها.
عائق آخر قد يحول دون إجراء أي انتخابات، وهو عائق سياسي يتمثل في الانقسام الحاصل داخل مؤسسات الدولة وعدم تمكن حكومة واحدة وبرلمان واحد من الوصول إلى كل الليبيين كما كان سابقاً في انتخابات مجلس النواب وانتخابات المؤتمر الوطني وانتخابات الهيئة التأسيسية.
جملة عوائق بين فنية وسياسية تمنع إعادة الشأن إلى أهل الشأن، وتضمن بقاء واستمرار شخصيات وأجسام حامت حولها شبهات الفساد، وتكريس حالة الفوضى المتنامية.