عماد.. ليبي ينتصر للإنسانية ويفتح بيته للحيوانات المُشردة
خاص 218| ماجدة علي
قطع العالم شوطاً طويلا في مجال الرفق بالحيوانات عبر تكريس مؤسسات لرعايتها والاهتمام بتغذيتها وعلاجها، بل وتشريع عدد من القوانين التي تخص تربية الحيوانات أيضاً وظهرت الكثير من جمعيات الرفق بالحيوان ومكافحة العنف ضدها.
أما في ليبيا ومع ظروف الحرب الأخيرة والنزوح والموت المجاني، وطوابير المصارف وضيق المعيشة، سيكون آخر ما يهم الناس هو الاهتمام بالحيوانات والرفق بها، وبتفشي وباء الكورونا قام الكثير من الناس خوفاً من العدوى بطرد حيواناتهم الأليفة من منازلهم، تاركينها في الشوارع عرضة للجوع ودهس السيارات المسرعة، فلا يخلو رصيف من منظر قطة أو كلب ميت، مسبباً هذا التلوث وانبعاث الروائح الكريهة.
“يشكل بيت باشاغا الملجأ الأكبر لعدد لا يحصى من الكلاب والقطط بمختلف أنواعها التي تعيش في تجانس ودعة رائعة”
في بيته وحديقته الصغيرة ظل عماد باشاغا من القلة القليلة التي واصلت العناية بحيواناتهم الأليفة ولم تتخلَ عنها، وربما يشكل بيت باشاغا الملجأ الأكبر لعدد لا يحصى من الكلاب والقطط بمختلف أنواعها تعيش في تجانس ودعة رائعة، ويقوم عماد لوحده بالاهتمام بهذا العدد الكبير مشرفا على تنظيفه وإطعامه يوميا، أيضا يستقبل وبشكل دائم كل الحيوانات التي تم التخلي عنها كما أنه يمنح بلا مقابل كل من يريد قطة أو كلباً صغيرا لتربيته.
يقول البروفيسور هال هيرزوج عالم النفس بجامعة ويسترن كارولاينا إن الإشكالية هنا أخلاقية، لأن معظم الناس ينظرون إلى علاقاتهم بالحيوانات الأليفة كعلاقتهم بالبشر، فيعتبرونها فرداً من العائلة أو أحد الأصدقاء.
عماد وفي حديثه عن عالمه هذا لا يستطيع أن يفصل حياته ووجوده عن كائناته اللطيفة، هذا الاندماج الكلي يبدو غريبا في بلد تناهبته الحروب والمفاسد بلد ضاعت فيه كرامة الإنسان وضاقت سبل معيشته فما بالك بالكائنات البريئة مثل القطط والكلاب.
وينبغي أن أشير إلى أن هذا العمل الذي يقوم به باشاغا هو عمل تعجز عنه مؤسسات ومراكز إيواء متخصصة، وفي غياب الدعم المادي يتكفل هو وبحالته المادية العادية بتوفير الغذاء وأيضا مواد التنظيف والعلاج على حسابه الخاص.
في بلد ضاعت فيه حقوق الإنسان فما بالك بالحيوان، يُشكل عماد العماد الحقيقي للكائنات التي هجرها أصحابها وتم التخلي عنها يأويها ويتعايش معها منتصرا للإنسانية في جانبها الذي يحوي عطفا ورحمة قل مثيلها.