“عزو” أبكى الليبيين.. وتمسك بـ”بصل وامية”
218TV.net خاص
محمد العجمي
كلمات بسيطة من طفل لم يتجاوز العاشرة من العمر كانت كفيلة ببكاء المؤدي وانتهاء برنامج الكاميرا الخفية، لكنها أطلقت نقاشا لم ينته على مواقع التواصل الاجتماعي.
الجميع كانوا منبهرين بأن الطفل (عزو المرجاوي) لم يقبل أن يأخذ الجنسية الإسرائيلية، ولا أن يترك ليبيا وإن أكل “بصل وامية” بتعبيره البسيط، وهو الطفل البريء الذي شكى مر الحال والعوز، ومعاناة المرض التي يعرفها الأقربون.
عزو يعرفه الليبيون من مقطع فيديو انتشر منذ سنوات على مواقع التواصل وهو يتحدث فيه بألفاظ نابية ليهاجمه كثيرون من دون أن يدركوا من هو ولم يتحدث طفل في مثل عمره بهكذا لغة.
لم يسأل أحد أين يعيش عزو، وكيف هي “شقق فلسطين” وما حال سكانه، وماذا ينقصهم، لم يسأل أحد إذا ما كان مستشفى المرج يستطيع علاج “المرجاوي” أم أنه سيستعطف الجيران لعلاجه.
ضجت صفحات التواصل كالعادة بمبادرات دعم عزو التي وإن لم نشكك في نيات أصحابها لكنها مأخوذة بالدعاية لا بالفكرة، فهم مأخوذون بقصة الفتى الذي لم يخن بلده ولا حتى في الكاميرا الخفية، فيما نسوا آلاف الأطفال الذين يؤاخذون بجريرة أنهم ليبيون، فكانوا ومازالوا يعانون من استمرار الحرب في مدنهم، أو يبيتون لياليهم في المخيمات، أو يتعلمون في مدارس خربة، وقد لا يجد كثيرون منهم حتى نعمة هذه المدارس.
يرفض عزو في برنامج الكاميرا الخفية مبدأ أن يترك ليبيا، هو لا يشرح ذلك بمعان كثيرة فقط يقول “كيف نسيبها وأنا انولدت فيها”، لكن سياسيين كثر يتباهون بأنهم مواطنون في دول أخرى وإن ادعوا أن المسؤولية هي التي دفعتهم للمجيء إلى ليبيا وحكمها، مع أن أحدا لم يسألهم أهي مسؤولية مواطنتهم في الدول الأخرى أم أي نوع من المسؤولية!
يرفع “عزو” الغطاء عن أسئلة عديدة، من سيوفر العلاج؟ من سيرفض بيع الوطن والمواطن؟ من سيوفر مرتبات الضمان – وغيرها من المرتبات بالطبع – ومن سيوفر للمواطنين سكناً “كغيرهم من العرب*”؟
لا يدعي “عزو” امتلاك الأجوبة، ولا جرأة الأمر، هو يتمنى فالتمني لم يمنع بعد.
ينتهي البرنامج ببكاء المقدم، وتنتهي الكاميرا الخفية التي اختبرت عزو فأظهرت معدنا ثميناً لطفل صغير.
لكن المواطن الليبي الذي شهد سرقة حلمه في الحياة السعيدة، يتمنى أن ما يشهده من معاناة لن تكون أكثر من كاميرا خفية، يتمنى أن تنتهي، حتى وإن لم يبك المؤدون، لكن أن يقرروا نهايتها، ويتركوه لحال سبيله، لعله يأكل “البصل” ويشرب “الماء” ويعود على الأقل ليحلم من جديد.