“عراقيان” أشغلا ليبيا بـ”الحب”.. و”الحرب”
218TV|خاص
على الضفة الشرقية لنهر دجلة في محافظة صلاح الدين التي تبعد عن العاصمة العراقية نحو مائة كيلومتر تقع مدينة صغيرة تدعى سامراء، إذ قد لا يُصدّق أحداً أن هذه المدينة ينتمي إليها عراقيان أشغلا ليبيا حينما كبرا ب”الحب”، فيما اختار الآخر أن يشغلها ب”الحرب والدم”، دون أن يُعْرف ما إذا كان الفارق الزمني بين ولادتهما بفارق زمني يصل إلى نحو عشرين عاما هو الذي صنع هذا الفارق بين أحدهم الذي اختار الغناء للحب والسلام والورد والحبيبة، وآخر اختار المفخخات، وأصوات ضحايا انفجاراته من العراق مرورا بسوريا، وليس انتهاء بليبيا لحناً للنشيد الوطني ل”دولة الخرافة” التي حاول استنساخها مرارا.
عراقيان من مدينة واحدة، ويحملان إسم عائلة واحدة أشغلا ليبيا، فالمطرب والموسيقار العراقي كاظم الساهر الذي يحظى بشعبية كبيرة في الأجزاء الشمالية العربية من “القارة السمراء”-ومنها ليبيا بطبيعة الحال-، والذي رق قلبه لفتاة أفريقية للتو، غنى لحبيبته “سلامتك من الآه”، والذي عاتبها برقة بالقول “لو كنت ذا ترفٍ ما كنت رافضة حبي”، ينتمي إلى نفس المدينة والعائلة التي ينتمي إليها أبوبكر البغدادي الذي ركن مفخخاته في كل المدن الليبية، وأهدى لليبيين “إمارات الخوف والظلام”، لكن الليبيين غنوا قصائد حب الساهر، ورفضوا إمارات البغدادي التي أقامها فعلا في سرت، أو كاد في بنغازي التي انحازت للنور والتنوير.
الساهر والبغدادي مفارقة من الممكن أن تدفع إلى اقتفاء أثر “جينات المدن” التي بوسعها أن تنقسم لتنتج نموذجا يحث على الحب والحياة والنور، وآخر يعتقد أن الجنة هدف لا يمكن بلوغه من دون كمية كبيرة من الجثث، أو من دون التكبير والغناء للمفخخات، وصيحات الأطفال في لحظة بحث عن أشلاء ذويهم، فيما يظل لافتا قدرة الليبيين والعراقيين معا في ظل تشابه لقدرهما السياسي أن ينحازا ل”الحب والحياة”، وأن يلفظوا كل أشكال الحرب باستثناء شكل واحد.. الحرب على أعداء الحياة.
الليبيون غنوا للحب والساهر، وأرسلوا البغدادي إلى “مزبلة التاريخ”.. مفارقة رهيبة تستحق التوقف عندها.