عبير سليمان تبوح لـ218 عن سوريا “القصيدة” ورائحة الياسمين
أحلام المهدي
مقابلة خاصة 218
أحب شِعرها، تماما كما أحب انتصارها الحلو للحياة من داخل “سوريا” التي ظننا لوهلةٍ أنّا فقدناها، لكنّ قصائد عبير سليمان وحياتها في اللاذقية تكذّبان افتراءات القدر، وتقولان بحزمٍ إن سوريا أكبر من كل ما يحدث.
في ديوانَين شعريين هما “ونفخ في الناي”، و”رسالة من بيدق ميت” فرض نص عبير سليمان نفسه على الساحة العربية التي قلّ فيها الجيّد وعمّ الرديء، وفي مقابلة خاصة لموقع 218 رحبت بها الشاعرة بودٍّ غامر، قدمت تحياتها لقراء الموقع في ليبيا التي وصفتها بالغالية، وتمنّت أن يكون شعرها جواز سفرها إلى قلوبهم.
_ في البداية سألنا الشاعرة كيف تنجز نصّها الشعري في ضوء ما تمر به سوريا من أحداث؟
فقالت: لا يخفى على أحد حجم الوجع الذي احتمله السوريون خلال سنوات الحرب، الحرب التي بدّلت حياتنا و غرزت فينا مخالبها دفعة واحدة وإلى الأبد.
في بداية الحرب كنتُ أكتب بعنفوان دون كيشوت، ظننتُ ذلكَ كفيلاً بإخماد النار التي بدأت تشتعل على مرأى من عيني المولّهتين بكل شبر في البلاد، لكنّ الكتابة خابت..
لاحقاً صرتُ أكتب ظنّاً بأن ذلك حريٌّ بمقارعة الموت الذي طفق يخطفُ أبناء بلدي، لكنّ الكتابة خابت..
ثمّ كتبتُ عن الجرحى و الثكالى واليتامى و القتلى و الغائبين، قلتُ لنفسي: ينبغي أن يلتفت العالم إلى أوجاعهم، لكنّ الكتابة خابت ..
آخر الأمر صرتُ أكتب صرختي المكتومة وصراخ إخوتي الذي ظلّ يدوّي طويلاً في أعماقي … بدتْ الكتابةُ ضمّادةً لجراحنا..أو ربما مدىً شاسعاً يستوعب صدى أصواتنا الكسيرة، حينها فقط شعرتُ أن للكتابة جدوى، لكنّها مغمسة بدمنا و بدموعنا.
_ وعندما سألناها عن نظرتها إلى المشهد الشعري في اللاذقية وسوريا عموما قالت:
أرى الشعر اليوم في أفضل حالاته و أوقاته رغم تشاؤم البعض وإنكار البعض الآخر، فالمشهد الشعري غزير ومتنوع و فيه مشاريعٌ كثيرة جادة ولافتة بعضها يرقى للمستوى العالمي، صحيحٌ أن المحاولات الباهتة العابثة عددها أكبر من تلك القيّمة الهامّة، لكن مازال كَمُّ الأصوات الشعرية الحقيقية مطمئناً و جديراً بالمتابعة.
_ وعن تجربتها في إمكانية ألا يكون الشاعر منقطعا عن واقعه، دون الوقوع في فخ المباشرة قالت الشاعرة:
عناية الشاعر بثقافته و بحرفة الكتابة عادةٌ لا بد لها أن تصقل نصّه و تجنّبه المباشرة التي قد ينزلق إليها في بداية تجربته، بالنسبة لي أحاول أن أعيد صياغة نصي مراراً، نادراً ما أرتاح لصيغة نهائية للقصيدة، كما أنني لا أهمل أية ملاحظة نقدية أقرؤها ولا أية نصيحة مفيدة أسمعها.
_ وأخيرا سألنا ضيفتنا عن المشهد الشعري في ليبيا، وماذا تعرف عنه؟
فقالت: في حقيقة الأمر أنا بعيدةٌ عن المناخات الثقافية الرسمية في الوطن العربي، لكنني أحاول تلافي الانقطاع عن نبض الحركة الشعرية العربية عموماً ؛أما بالنسبة لأدب ليبيا ؛ أواظب على قراءة الشعر الذي ينشره أصدقائي الليبيين في شبكات التواصل الاجتماعي، بعضهم يكتب بطريقة مبهرة و هذا أمر ليس بجديد و لا بغريبٍ على أبناء ليبيا الغنية إنسانياً و ثقافياً.
وهكذا قدمت لنا “عبير سليمان” اختصارا للمشهد السوري، بعيدا عن الصراعات والحروب، وقالت بطريقتها إن السوريين يعيشون الحاضر، وعيونهم على المستقبل، وإن بلادهم العريقة تتحيّن الفرص لتنهض وتعيد إلى العالم بهجة افتقدها.