عالم المستديرة “بدون أشرار”
إسماعيل كمال
يراودني في ذهني دائماً أن عالم كرة القدم لايختلف كثيراً عن الحياة وقصصها التي لاتخلو من حكايات الشر والذي يعتبر عنصراً أصيلاً ومميزاً في كل شيء “فيلماً كان أو رواية” ولا تكتمل متعة الحياة بدون قصص الشر.
لنتخيل بأن عالم كرة القدم مليء بالخير والمثاليات بدون وجود الجانب الشرير فيه، عالم يحتوي نوعية فريق يوجد به لاعبين من أمثال خافيير زانيتي ورايان غيغيز وفيليب لام وراؤول غونزاليس وأندريس إنيستا .. بكل تأكيد من ناحية شخصية سأشعر بالملل الشديد لأنني أحتاج إلى مواجهات دامية وكأنني أشاهد حرباً ضروس لا مباراة كرة قدم.
كيف بإمكاني أن لا أتخيل تصريحات وقاضايا “السبيشال ون” مورينهو المثيرة للجدل، في كل تجاربه في عالم التدريب في البرتغال وإيطاليا وإسبانيا وإنجلترا، عالم بدون طريقة استفزاز دييغو كوستا للخصوم في المباريات الكبيرة، عالم بلا سيرجيو راموس الذي يراه مناصرز ريال مدريد بأنه الشرير الذي يحمي العاصمة الإسبانية ورمزاً للأبيض الملكي، عالم بدون تمثيل نيمار المبالغ فيه أو طريقة استفزاز دييغو سيميوني وماتيرازي عندما كانوا لاعبين في أنديتهما، بكل تأكيد سأشع بالملل وأن الكرة فقدت شيئاً مهما.
نهاية الأشرار في عالم كرة القدم يختلف عن نهايات الأفلام حين ينتصر الخير في غالب الأحيان، هنا الشر قد يكون متميزاً ويحظى باهتمام منقطع النظير وقد تكون نهايته مميزة للغاية وتجد مساندة كبيرة.
ورغم أن الشر قد ينتصر في عدة أوقات، وكلما اضطر راموس للعب بخشونة زائدة وباستفزاز واضح لكنه بالنهاية قد يتوج بكأس تلو الأخرى، ويسجل أهدافا غالية لفريقه ومنتخب بلاده، وعندما يدعي نيمار السقوط لكنه يسجل بالنهاية أهدافاً تجعلك تقف مصفقاً له وأنت منبهر، ومهما كان مورينهو مكروها عند البعض ومنبوذاً بشكل كبير إلا أن الجميع لاينكر تميزه في مجال التدريب ويملك خمسة وعشرين بطولة في عدة بلدان جعلته من بين أفضل مدربي تاريخ الكرة، وبعدما شاهدت دييغو سيميوني يصنع تاريخاً ناصعاً للروخي بلانكوس أيقنت حينها أن الشر ينتصر بإبهار وبإستحقاق في هذا العالم .
لكن الشر لايحقق الإنتصار في كل وقت ..
رأينا ماحصل في ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، شاهدت نيمار وراموس مطأطئي الرؤوس يشاهدون فرقهم تودع المسابقة بطريقة مذلة .. نيمار يرى فريقه يغادر بطريقة رغم أنه نزل من المنصة إلى أرضية الملعب قبل نهاية مباراة فريقه أمام مانشستر يونايتد ليحتفل مع زملائه لكنه تفاجأ بتوديع زملائه لتنتشر صورته وهو مصدوم ومتفاجئ، أما راموس هو الآخر فتعمد الحصول على بطاقة صفراء أمام أياكس الهولندي في مباراة الذهاب ليتواجد في مباراة الإياب وهو يصور جزءاً من فيلمه الوثائقي وكأنه متأكد من تأهل فريقه لدور الثمانية لكنه جلس في مكانه لايستطيع فعل شيء ولا إنقاذ رفاقه قبل مغادرة المسابقة، دييغو سيميوني هو الآخر تجرع كأس مرارة الإقصاء والخيبة بعدما استفز الجميع في مباراة الذهاب أمام يوفنتوس لكنه نسي أن مباريات كرة القدم لا تحسم بهذه الطريقة ليتم أقصاؤه في مباراة الإياب بهاتريك رونالدو الذي رد له الصاع ثلاثة مرات..
في هذه الحالات الشر خسر معاركه .. لذلك لازلت أؤمن بالجملة التي تقول “لا يمكن أن يكون هناك خير بدون شر” حتى في عالم المستديرة الساحرة.