عاشوراء .. موسم ليبي خاص للاحتفال والبهجة
يحتفل الليبيون اليوم الاثنين بذكرى عاشوراء التي توافق العاشر من شهر محرم بالتقويم الهجري.
ويتميز هذا اليوم لدي الليبيين بإعداد وجبة خاصة تسمى بــ “السليقة” أو “عاشورا” بينما تتميز مدينة درنة بإعداد البليلة.
وتتكوّن هذه الأكلة من حبوب الفول والحمص المطبوخ، بينما جرت العادة في مناطق الجبل الأخضر على إضافة حبوب القمح الكاملة المطبوخة مع الحمص والفول والتي تطهى بصلصلة الطماطم بعد إضافة “القديد” ليكسبها طعما مميزا.
أما في درنة فيعكف الأهالي على إعداد البليلة الليبية والتي تتكون من القمح والحليب المحلى بالسكر أو العسل وجوز الهند الناعم وخليط من المكسرات حسب الرغبة والقشدة وبعض الفواكه المجففة أو الطازجة.
وتعد أكلة مشابهة للسليقة في مناطق الغرب وتسمى “الهريسة” حيث تتكون من الشعير واللحم المقدد وبقوليات مختلفة تضاف حسب الرغبة وتسمى لدي الأمازيغ أيضا بالمعظال.
ولدى الأمازيغ فإن المرأة في بداية إعدادها للوجبة الخاصة احتفالا بعاشوراء تبدأ مهمتها بفصل الشعير عن النخالة ويقال عن المرأة أنها “اتسيزر” في الشعير تجهيزا لطهيه .
وبعد ذلك يدق القمح والشعير في آنية تسمى باللغة الليبية الأمازيغية “سودو” وهي عبارة عن مهراس مصنوع من الحجر، ليصنع منها بعد عملية الهرس “إدآي” وبعد الغربلة “سيزر” أو “دسوفي” تعد أكلات مختلفة احتفالاً بيوم تاسوعاء وعاشوراء فمنهم من يطهي “اتموغتال سسناين” وهي الهريسة بالقرقوش، وهناك من يطهو “كسكسوا ستنفين دالقرقوش” وهو عبارة عن كسكسي بالعدس والقرقوش وهناك من يطهو الفتاشة مع طهي الفول والحمص والبيض المسلوق، إضافة إلى “اغروم نوفين” خبزة الفرن، وهي عادات وتقاليد متوسطية لها طعم ونكهة مميزة تعبر عن تقديس سكان شمال أفريقيا للزراعة والحياة والهدوء واحترام الأديان وثقافات الشعوب.
ويتم توزيعها على الجيران والأقارب كما يتزاور الناس في هذه المناسبة لتبادل التهاني والتبريكات بهذا اليوم العظيم الذي نجّا الله فيه موسى من فرعون كنوع من الشكر والامتنان لله عز وجل، ليتحول الشارع إلى كرنفال مفتوح تطوف فيه الصحون بين المنازل وسط لعب الأطفال ومرحهم وهم يطوفون البيوت للحصول على العيدية وهم يرددون:
“عاشورا عاشورتي .. تنفخلي زكورتي .. تنفخها وتزيدها .. قالوا منهوا سيدها .. سيدها عبدالرحمن .. وكال الخبزة والرمان .. في ذيل الدكان”
فيما لا يُعرف من هو عبد الرحمن .. ولا سبب أكله للخبز والرمان، لكن في الغالب ما هي إلا كلمات مسجوعة وضعت لضبط الإيقاع.
بينما يلجأ بعض الصبية إلى التهديد للحصول على عيديتهم فيقولون:
اللي ما تعطينا الحمص .. يصبح راجلها ايتلمس
واللي ما تعطينا الفـــول .. يصبح راجلها مهبـــول
واللي ما تعطينا افلوس .. يصبح راجلها امحبـوس
لتبتسم النساء من هذا الابتزاز بالدعوات على أزواجهن، ويمنحن الأطفال عيديتهم لتسود أجواء البهجة والسرور المكان.
وفي الآونة الأخيرة باتت تتعالى أصوات مطالبة بوأد هذه العادة بوصفها من “البدع” إلا أن الأهالي ما زالوا يحافظون على هذه العادات الشعبية التي تمثل جانبا من التراث ونوعا من التواصل وصلة الرحم ولا يتخذونها طقسا دينيا، إلا أن الضغوط التي تمارسها بعض الجماعات للقضاء عليها باتت تتزايد بشكل كبير بحجة منافاتها لتعاليم الدين الإسلامي في حين أنها تعظم من شعائر الله وتدعو إلى المودة والتصالح.