عاد العيد.. “ادّيَّن وازين”
أحمد بركوس
يعود العيد، ، ونتذكر الماضي البعيد، ففرحة العيد والاستعداد لاستقبال العيد كانت عند أهلنا لها طقوس خاصة ولها نكهة مميزه ومرد ذلك بساطة الحياة والقناعة بالموجود، كما أن تقدير السلف لقيمة العيد ترتكز على جملة من القيم الإنسانية العليا والمعاني السامية واﻷخلاق الفاضلة، والتي جميعها مستمدة من شريعة اﻹسلام السمحاء.
كان اﻷهل يلبسون في العيد أجمل وأنظف ما لديهم من ملابس حسب المتوفر والقادرين على سداد قيمته، فمن العار لديهم أن يخرج الإنسان يوم العيد بلباس مشترى بالدين، ويذكرون بعضهم بالمثل الشعبي الذي يسخر من ذلك القائل “ادين وازين!؟”
كانت اﻷم تحافظ على أن تكون ملابس الزوج والأولاد وجميع أفراد الأسرة ملابس نظيفة، فكان جرد اﻷب يوضع في قدر نحاس كبير ويغطى بالماء وتضع فيه قطع الصابون الصلب ويتم غلي الماء حتى ينظف الجرد ثم ينشر وبعد أن يجف يعطر بالبخور المكون من المستكة وعود القماري يقول التعبير الشعبي “الجرد عزه الصابون.. والمستكة والقماري”.
كان الرجال يحلقون بعضهم مستعملين موس الحسانة، ثم استعملوا ماكينة أخرى متطورة، لقد استعمل اﻷهل وقبل ظهور المعدات الكهربائية مكوى الفحم في كي ملابسهم، كانوا يتعطرون بزجاجة عطر صغيرة يضعون، منها قطرات محدودة في قطعة قطن صغيرة ثم يودعونها داخل تجويف الأذن ويستمر العطر ينبعث منها ﻷكثر من يوم.
كانت الأمهات تخبز “خبزة التنور” منذ فجر العيد كما كانت تخبز شطائر “الفتات” والذي كان يجهز ليلة العيد حيث يقدم في وجبة غداء أول أيام عيد الفطر في أقداح عود جميلة مملوءة “فتات و هريسة شعير” مغطاة بطبق مصنوع من سعف النخيل.
مع إشراقة الصباح يقوم الجميع لصلاة الصبح، ثم يلتقون على قصعة عصيدة وسمن فوقها رب التمر اللذيذ، يرتدي الجميع ملابسهم يذهبون لصلاة العيد وهم على طول الطريق يسبحون بحمد الله ويوحدونه ويكبرون، ثم يصلون ويستمعون إلى خطبتي العيد وينتهون بمعانقة بعضهم البعض ومسامحة بعضهم بعضا ﻻ مشاحنة وﻻ عداوة وﻻ حقد وﻻ كراهية الكل بلسانه يلهج “عيدك مبارك، سامحني والله يسامحك، الله يسمح البعض من البعض”.
يتوجهون بعد الصلاة إلى زيارات بعضهم والمعايدة على اﻷقارب والجيران بل جميع الناس، فالناس لبعضها كما يقولون، “عيدك مبارك عاﻷجمعين”،فكل بيت مفتوح وغرفة الضيافة مفروشة وجاهزة لاستقبال المعيدين.
ويستمر العيد طيلة أيامه الثلاث في الزيارات والتسامح وزيارة المقعدين وزيارة الضيوف وعدم إشعارهم بالغربة، هذه صور العيد عند أهلنا، نذكرها ونحن على أبواب العيد كي نتأسى بفضائل أخلاقهم وجلائل أعمالهم فنحن من أصلابهم وخرجنا لدار الدنيا من أرحامهم ولا يجوز لنا أن نتخلى عن طيب سلوكهم وحسن طوياهم وتعاملهم مع العيد بما يجب في العيد من القيام به من مكارم اﻷخلاق والعمل الطيب.
المقال مكتوب في 15 – يوليو – 2015