طعم الشوكولاتة
محمد المعداني
بعد ان تابعت بإهتمام اللقاء الذي أجراه المذيع المتألق احمد القماطي مع السيد على الحبري نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي في برنامج الحدث أتضح لي جلياً ان من تربعوا على عرش السلطة والمال في بلادنا هم من أفتعلوا ازمة السيوله وهم من تأمروا مع تجار الحرب ودواعش المال العام واتفقوا على استغلالنا وإذلالنا وهم من تعمدوا عدم حلحلة كافة الازمات التي تؤرق مضاجعنا وتشل تفكيرنا وهم من سعوا الى إهانة الدينار الليبي وتبخيص ثمنه وتقديس الدولار والسعي الى رفع سعره وبذلك حققوا مأربهم الخبيثه لضمان بقأهم في البرج العاجي الذي يشاهدوننا من خلاله (أعيال) سذج يسهل الضحك عليهم .
ربما أرادوا (تدجيننا) بعد ان أوضحنا للعالم طبعنا الشرس واسلوبنا الفوضوي وسلوكنا العدواني وتلذذنا برائحة الدم واعتبروا ان الطريقة المثلى (لإقتيادنا) كقطيع من النعاج بدون عصاء الراعي هي جعل جل تفكيرنا منصب في البحث عن ما نسد به رمق اطفالنا وعدم التدخل بما ليس لنا به شأن .. لا نتسائل عن عائدات ملايين براميل النفط الخام التي تنتجها ارضنا الطيبه وتصدر الى الاسواق الاوروبية او تهرًب وتباع في عرض البحر ولا نستفسر عن ايرادات تريلونات الاقدام المكعبه من الغاز الطبيعي التي تضخ الى المواني الايطاليه ولا نلتفت الى الاستثمارات الخارجية وأموالنا المجنبة والمجمده .. كل تلك المعلومات ليس من شئننا ان نعلمها او نفكر فيها ونتحصر عليها .. البرلمان والحكومه والمجلس الرئاسي ومجلس الدوله ومحافظ مصرف ليبيا المركزي وكافة العصابات التي امتلكت السلطة والثروة والسلاح في ليبيا بعد ثورتنا (المباركة) هم من يفكروا نيابة عنا ويقرروا ما يرونه مناسبا لنا … تماما كما كان يفعل معنا معمر القذافي الذي قال في احد احاديثه (نعطيكم فلوس بعدين تشروا بيها شكلاطه) ، والحقيقة التي تأكدت بعد الاطاحة به انه كان أكثر منهم رئفة وحنية علينا .
حينما كان هو صاحب القرار كان الغذاء والدواء في متناول الجميع ، لم نعجز يوماً عن تسديد ثمن فاتورة المستشفى او نبحث جاهدين عن صيدلية تقدم لنا خدمة “ادفع لي” دون ان تذلنا وتستغل احتياجنا لعلاج مرضانا .. لم نتضور جوعاً في ذلك العهد وكانت العشرة (فردات) خبزه بربع أما الجمعيات الاستهلاكيه التي طالما انتقدناها كانت تغدق علينا بالدقيق والسكر والزيت وكافة السلع التموينيه بسعر يكاد ان يكون رمزي .. كنا نحلم بمذاق الشكلاته ونتطلع الى طعم الحرية .. حينما تملقوا وتسلقوا وقفزوا الى هرم السلطة واستحوذوا على مقدراتنا أصبحنا نتذوق الخبزة كالشكلاطه السويسريه ونترحم على ايام العسف والديكتاتورية .