“طريق النحل”: ربما تكون زواج أو علاقة أو العمل بالسينما!
بين صراع مسلح على الأرض لا يبقي ولا يذر وصراع نفسي يعتمل داخل فتاة في مقتبل العمر ينسج المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد فيلمه “طريق النحل” الذي عرض مؤخرا في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
الفيلم بطولة جيانا عيد وبيير داغر ويامن حجلي كما يشارك فيه مخرج العمل بالتمثيل إضافة إلى كتابة السيناريو.
الفيلم يندرج تحت تصنيف الرومانسي الكوميدي رغم أنه يدور في سوريا التي تعيش أزمة داخلية منذ ست سنوات، ويبدأ وينتهي من عند الطالبة الجامعية ليلى التي نزحت مع شقيقها مدحت من حمص إلى دمشق بعد أن فقدا الأهل جميعا بسبب الحرب.
يفاجأ الأخ والأخت ذات صباح بمستأجر جديد في المنزل الذي يسكنانه بدمشق لكن سرعان ما تقع ليلى في حبه بعد أن جذبها بموهبته في تقليد جميع الأصوات بفمه بشكل مذهل كما يطمئن له الأخ بعد أن أنقذ ثلاثتهم من قذيفة سقطت على المنزل وفككها قبل أن تنفجر.
لا تكاد مشاعر ليلى ورمزي تتطور حتى تصطدم بأول عقبة وهي ظهور حبيبها الأول عادل الذي اختفى مع بدء الحرب وكانت تعتبره مفقودا لكن تكتشف أنه الآن في ألمانيا ولا يزال يحبها ويجهز لإحضارها إليه والزواج بها في أوروبا.
وكأن الصراع النفسي الذي اندلع داخل ليلى لا يكفيها فتقودها الأقدار إلى مخرج سينمائي يعرض عليها العمل في فيلمه الجديد. وتقبل العرض.
مشهد قبول ليلى لدخول مجال الفن عندما سألها المخرج السينمائي “لماذا قبلت؟” ربما يلخص الكثير مما أراد مخرج ومؤلف الفيلم قوله. ترد عليه بأن الحرب التي يعيشها السوريون منذ ست سنوات وكم الدمار المادي والمعنوي ربما جعل الجميع بحاجة إلى “بداية جديدة.. ربما تكون زواج أو علاقة أو العمل بالسينما”.
العمل الجديد يضع طرفا جديدا في حسابات ليلى المرتبكة هو الممثل سليم، ذلك الثري المشهور اللطيف، والعجوز أيضا، فهو جد لصبي في العاشرة من عمره ويقع في حب ليلى رغم فارق السن.
الثلاثة يحبونها
تعيش ليلى صراعا نفسيا مريرا بين الثلاثة يبدو في ظاهره صراعا تقليديا بين فتاة تجد نفسها أمام الاختيار بين مستقبل آمن مع رجل عجوز وطريق صعب مع شاب تحبه من نفس عمرها أو تناسي الاثنين والعودة إلى حبها الأول. لكن الحرب في سوريا والمعاناة التي عاشتها في السنوات القليلة الماضية تفرض عليها صراعا أصعب وأمر.
أي طريق تختاره ليلى ليس اختيارا لشخص أو لحب في حد ذاته، فهو مقترن بنوع وشكل وجغرافية الحياة التي ستخوضها في المستقبل.
فالارتباط بالممثل سليم قد يؤمن لها حياة مريحة مع شخص مشهور، لكنها ستظل تعيش في بلد لا أحد يعلم متى تتوقف فيه الحرب، وقد تعيش وتنعم فيه لكن يأتيها الموت في أي لحظة.
والارتباط بالشاب الذي أحبته من النظرة الأولى سيسعد قلبها وينعش روحها لكن من سخرية القدر أن هذا الشاب يعمل مسعفا بأحد المستشفيات وهو ما يجعله في مرمى الموت بشكل يومي.
أما السفر إلى ألمانيا والعودة للحبيب الأول فهي رحلة إلى المجهول نحو بلد لا تعرفه ولا تتقن لغته ولا تدري إن كانت ستتأقلم على الحياة فيه وتنسى كل ما عانته في وطنها الأم.
وفي مقابل الصراع الداخلي في قلب وعقل ليلى يدور على الشاشة صراع كوميدي بين الشاب والعجوز اللذين يتنافسان على حبها، صراع وظفه مخرج ومؤلف العمل على شاكلة الرسوم المتحركة (توم وجيري) لإضفاء روح المرح على أجواء بلد يعيش على وقع القذائف وأزيز الطائرات العسكرية.
نهاية وبداية
مع وصول الفيلم إلى النهاية تتخذ ليلى قرارها بالهجرة إلى ألمانيا لتلحق بحبها الأول وبدء حياة جديدة. وبالفعل تشرع في الإجراءات وتحزم حقائبها وتتوجه إلى المطار لكن هناك تتحول الأمور وتقرر أن تسلك الطريق الأصعب أو (طريق النحل) الذي اختاره صناع الفيلم اسما لعملهم.
ينتهي صراع ليلى الشخصي وتٌكتب كلمة “النهاية” مصحوبة بأغنية للمطربة اللبنانية فيروز (طريق النحل)، لكن يبقى التساؤل لدى المشاهد عن مصير آلاف أو ملايين السوريين الذين تضعهم الحرب يوميا أمام خيارات كل منها أصعب من الآخر.
وكان من المقرر أن يحضر مخرج ومؤلف الفيلم عبد اللطيف عبد الحميد (63 عاما) إلى مصر للمشاركة في ندوة عقب العرض ضمن برنامج (آفاق السينما العربية) بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لكنه اعتذر عن عدم الحضور لأسباب صحية.
ويستمر المهرجان حتى 30 نوفمبر الجاري
عن: (رويترز)