صراع فرنسا وتركيا في ليبيا يُقسّم المواقف الأوروبية
في تقرير لها عن الأزمة الليبية، قالت صحيفة “الفاينانشيال تايمز” البريطانية، إن الخلاف المتزايد بين فرنسا وتركيا بشأن الحرب الليبية كشف عن ثغرات في حلف “الناتو” العسكري، وأثار تساؤلات حول ما تسعى باريس لتحقيقه في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى تصاعد خلاف باريس مع أنقرة بعد التدخل العسكري التركي لدعم حكومة الوفاق في طرابلس ما أدى إلى تغيير في ديناميكيات الصراع الليبي، حيث تراجع الجيش الوطني في الأسابيع الأخيرة.
وتشير الصحيفة إلى رأي أحد المختصين في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وقوله إن قرار فرنسا بالاصطفاف مع مؤيدي المشير خليفة حفتر، يعكس انشغالها بحماية المصالح التجارية في صناعة النفط ومحاربة الإرهاب الإسلامي في منطقة الساحل. وتأكيده على أن “فرنسا لديها مصالح مختلفة عن ألمانيا وإيطاليا في ليبيا وقد تحركت لحماية هذه المصالح”.
إجراءات فرنسية
ولفتت الصحيفة إلى أن فرنسا علّقت الأسبوع الماضي مشاركتها في مهمة “الناتو” قبالة الساحل الليبي، وسط ما زعمت أنه سلوك عدائي للسفن الحربية التركية وقول فلورنسا بارلي، وزيرة الدفاع الفرنسية، أمام البرلمان الأوروبي، إن الإجراءات التركية “لا تستحق أن تكون حليفاً في حلف الناتو، كما انتقدت فرنسا تركيا أيضا بسبب عمليات التنقيب عن احتياطاتها من الهيدروكربون في المياه قبالة قبرص وتوغلها العسكري في شمال سوريا العام الماضي. وهو ما دفع الرئيس ماكرون بأن الناتو يعاني من “موت دماغي” بسبب افتقاره إلى رد منسق على خطوة أنقرة في سوريا.
كذلك تذكر الصحيفة أن فرنسا ليست العضو الوحيد في الناتو غير السعيد بتصرفات تركيا حيث أدى قرار أنقرة بشراء نظام دفاع جوي S-400 من روسيا إلى طردها العام الماضي من برنامج الطائرات المقاتلة الشبح F-35 التابع للناتو.
معارضة أوروبية
وتقول الصحيفة البريطانية إن الزخم الفرنسي ضد أنقرة بشأن ليبيا – حيث وصف ماكرون تصرفات تركيا بأنها “إجرامية” – يعارضه دبلوماسيون أوروبيون لا يرون أن الوضع واضح للغاية. إن إرسال أنقرة للأسلحة – بما في ذلك الطائرات المسيرة المسلحة التركية – إلى ليبيا بالإضافة إلى المستشارين العسكريين وعدة آلاف من المقاتلين المرتزقة السوريين قد أحدث فرقًا كبيرًا في معركة طرابلس في الأشهر القليلة الماضية.
وتشير “الفاينانشيال تايمز” كذلك إلى قول دبلوماسي أوروبي رفيع: “لنكن صادقين، لقد منعت تركيا سقوط طرابلس ولولا تدخلها لحدثت كارثة إنسانية”. ويقول محللون في السياسة الخارجية إن فرنسا بالغت في دعمها للمشير حفتر كرجل قوي يمكن أن تسيطر عليه في تقاليد سياستها الإفريقية ما بعد الاستعمار – ثم صدمت عندما تدخلت تركيا لدعم الحكومة في طرابلس. وأنه عندما شن حفتر هجوما في جنوب ليبيا في بداية العام الماضي قبل هجومه على العاصمة، دعمته فرنسا علناً. واعتُبر أن الدعم الأجنبي على الأقل شجعه على شن هجومه على طرابلس.