صدمة الحداثة الليبية على يد الجنرال فيسبوك
خيري حسن
غالبا ما نردد أن المستقبل واعد بالكثير من المفاجآت، وهو كذلك، لكن ثلاث أرباع المستقبل نعيشه ألان، والربع الرابع فقط هو الذي سيحدث في المستقبل. أعجبتني هذه الفكرة التي ظهرت لي وأنا أفكر في هذا الموضوع، ووجدت أنها منطقية و يمكن تطبيقها على رؤيتنا للفيسبوك الذي يتميز عن باقي مواقع التواصل الاجتماعي بإمكانياته التي جعلته أكثر شعبية.
نحن الآن نعيش اقوي مرحلة مفصلية في تاريخنا البشري وهى مرحلة سقوط الفاصل بين الإعلام و الإنسان، واتحاد المستخدم بالوسيلة، فبدلا من مقولة المفكر الكندي “ماكلوهان” أن : الوسيلة هي الرسالة، تحقق لنا الآن اتحاد الرسالة بالوسيلة بالمستخدم.
و ما يميز الفيسبوك عن مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل “السكند لايف” التي يتحرك فيها المستخدمون من خلال شخصيات يختارونها، أن الفيسبوك تتحرك فيه الذات باتساع كبير غير مدرك للمستخدم، اى تمظهر مخفي مقابل التمظهر الواضح في “السكند لايف”، و ذلك من خلال محتوى الفيسبوك التتابعي و التراكمي الذي يتم فيه التعبير بالكلمة و الصورة و الصوت و الفيديو و التشبيك مع مختلف المنصات الإعلامية.
الفيسبوك يعتبر الآن من أقوى المجالات العامة في الإعلام الجديد، و مفهوم المجال العام يمكن مقاربته بأنه المساحة التي يتم فيها الحوار بحرية بين أفراد المجتمع مثلما نرى في المقاهي منذ ظهورها وحتى الآن ، فالفيسبوك أعطى لهذا الحوار قوة مفرطة، بل هو الذي أوصل الحوار المجتمعي الليبي إلى عتبة الحوار الحقيقي الذي من خلاله يتقدم المجتمع، و لذلك نحن الآن نعيش ما يمكن أن أطلق عليه “صدمة الحوار” كمرادف عميق لمفهوم “صدمة الحداثة” ، لأننا الأن فقط بدأنا في التعرف على بعض وبدأت الذوات الليبية تتعرف على بعضها البعض، و الذات الليبية تتعرف على الأخر من الدول و الثقافات المختلفة، إذن يمكن إن نقول أننا نعيش الآن “صدمة الحوار” مقابل “صدمة الحداثة” التي تم تأريخها بدخول الحملة الفرنسية لمصر بقيادة نابليون بونابرت، ولذلك اعتقد إننا نسير بخطوات حثيثة صحبة الحراك الاجتماعي المدعوم بالتكنولوجيا للتحول إلى مجتمع المواطنة المتقدم الذي يحترم فيه الأخر و والقانون و الاختلاف، لكنه مشوار طويل يحتاج إلى العمل و الصبر.