صبراتة .. مدينة الموعد
عبدالوهاب قرينقو
في 1992 كانت زيارتي الأولى لها، ضمن وفد من منتسبي جمعية بيوت الشباب، في رحلة سياحية داخلية .. كان خط الرحلة: هون طرابلس الزاوية صبراتة غدامس عبر الجبل الغربي”جبل نفوسة” .. أقمنا فور وصولنا ببيوت شباب صبراتة القريبة من المسرح المهيب الهائل في جماله وما جاوره من الآثار العريقة التي تمثل أكثر من عصر قديم الفينيقي والروماني والبيزنطي والبونيقي .
اختلفت صبراتة عن غيرها من مدن زرناها وعن هذا حديث يطول .. لكن صبراتة اليوم على موعد مختلف موعدها مع الانحياز للوطن لا للعصابة، فحين داهمتها منذ سنوات عناصر داعش هبت المدينة في جسد واحد لمحاربة الشر وتشكلت غرفة عمليات قادها اللواء عمر عبدالجليل هذا الرجل الذي أعرفه بشكل شخصي منذ أكثر من ثلاثين عاماً ففي منتصف الثمانينيات كان من خيرة ضباط الكلية الحربية في عين زارة بطرابلس، تلك الكلية التي تحولت لاحقاً إلى جامعة ناصر.. وكان مثالاً في الانضباط والملتزم بتعليم الطلبة وتدريبهم وفي قمة الخلق والوطنية.. وهذا ما كان عليه كل من عرفت من أهل مدينة صبراتة المتحضرة التي تنحاز دائماً إلى الحق في وجه الباطل والطغاة وعلى موعد أبدي مع الوطن ضد كل الطامعين والغزاة .
في ثورة 17 فبراير 2011 انحازت صبراتة أيضاً إلى الوطن وقدمت من الشهداء ما يكفي لسمو اسمها عبر التاريخ وها هي اليوم ومنذ تحرك القوات المسلحة الليبية في الرابع من أبريل الماضي -لتحرير عاصمة البلاد من براثن العصابة- تقف صبراتة ومعها المدينة الجارة صرمان بكل ثقة إلى جانب حق الشعب الليبي في معركته ضد المليشيات المارقة بيادق عصور الظلام من عثمانيين وقطريين وإيطاليين، مَن في أجندتهم إرجاع ليبيا لعهود ناشزة استعمرت البلاد واستعبدت الناس.
صبراتة لم تكتفِ بإعلان انضمامها لتيار الوطن بمناصرة الجيش وحسب بل احتضنت أمس ملتقى قيادات المنطقة الغربية احتفالاً بافتتاح ديوان رئاسة وزراء الحكومة الليبية المؤقتة في قلب المدينة، فلم تفعل كمدن أخرى بمسك العصا من المنتصف، جزء مع جوقة السراج-باشاغا وآخر يمتد باتجاه المؤقتة والبرلمان، فكان موقف صبراتة وصرمان واضحا .. وقوف كامل، مدني وعسكري مع أحرار ليبيا، في معركة البلاد لتنظيفها واجتثاث شأفة اللصوص والجهويين وخلايا الإرهاب النائم وذاك المستيقظ الذي يحارب ضمن المليشيات ويتحكم في الأجسام السياسية من رئاسي واستشاري ومؤخراً الخارجين عن القانون الذين شقوا صف البرلمان .
ما خططتُ هنا ليس بمقال، بل تحية ود لهذه المدينة ولجارتها صرمان وقريباً ينضم الضلع الثالث “الزاوية العنقاء”.. ليكتمل سهم المجد نحو تحرير العاصمة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة تاريخية: “صبراتة” مع “لبدة-ليبتس ماغنا ” و” أويا” شكلت اسم عاصمتنا “تريبوليس” المدن الثلاث، التي صارت طرابلس، مثلما شكلت في لبنان نفس التسمية من صور وصيدا وبيروت.