شهادات على يوم الرتل
أثارت ذكرى 19 مارس تداعيا للقصص على مواقع التواصل الاجتماعي من أطباء إلى محاربين حينها وحتى سكان.
وهنا نورد بعض ما اطلعت عليه 218 من شهادات حول هذا اليوم نشرها أصحابها على حساباتهم:
السنوسي محمد طاهر:
لا ادعي الشجاعة أو البطولة…… لكن الذاكرة تعود بي إلى يوم دخول الرتل لمدينة بنغازي …. قبل وصول الرتل بيومين وصلتني توصية عن طريق صديق يقف في الضفة الاخرى أن علي أن اترك بنغازي حفاظا على سلامتي فهم قادمون…. شكرته لحرصه ولكنني قلت له :” اللي بعرب بنغازي بي” استيقضنا فجرا على أصوات المدافع والقذائف تسمع بوضوح في منزلي بالهواري …. اتصل صديق ليقول لي ان طلائعم في شارع فينيسيا …..كانت الاسرة في غاية القلق بل والخوف ويرجونني أن التحق بركب الطريق الساحلي نحو الشرق ….. وجدت ذلك مخزيا ومهينا ان يراني ابنائي وبناتي وزوجتي في لحضة جبن وهروب …. استبد بي القلق ….. بدأت اسقي حديقة المنزل تفاؤلا بالحياة …. زوجتي تصرخ “هذا وقته” …. قلت انا باق في منزلي اذااردتم ان تتركوا بنغازي فلكم ذلك …. قالت “عنادك هذا حيودرنا ” “تفكر ان عندك عيال وأسرة” …. ولم نخرج سوى لتناول وجبة الغداء في بيت انسابي في الليتي …. كان يوما صعبا علينا وعلى بنغازي وعلى الرتل
إدريس شتوان:
في 19 ــ 3 ــ 2011 : كنت اعمل بمستشفى الهواري العام ،، حتى الساعة الثالة ظهراً ،، وصل إلى المستشفى عدد 64 جثة شهيد ،، ووصل إلى مركز بنغازي الطبي 39 جثة ،، كان يوم مرعب دموي بشع محزن ،، للعلم حدث ذلك قبل دخول الناتو !! اللهم ارحم الرجال الذين سقطوا ،
مفتاح بوعجاج:
صدى السنين الحاكي 6 :
لن نبخس الرجال مواقفهم ….يوم نادى المُنادي :
في 19-3-2011 ، أستقبلت البيضاء وكل مناطق الجبل الاخضر، الأسر والعائلات الليبية الأتية من بنغازي وكل المناطق حولها بعد معلومات عن الرتل الاتي اليها لإحتلالها محمّل بكل انواع الاسلحة والعتاد والاليات (كان يقدّر طوله بحاولي 60 كم وبعرض كامل الطريق ) ..كنت احد اعضاء لجنة إدارة الازمة بالجبل الاخضر التي تشكلّت مباشرة بعد 17 فبراير..كانت الطريق الممتدة من المرج وحتى لبرق والقبة مملوئة بالناس رجال ونساء يرحبّون بأهلهم من بنغازي وما حولها ويلوّحون بمفاتيح بيوتهم مُرحبين بالأتين ويحملون لافتات بسيطة كُتب على بعضها ( انتم اهلنا ،بيوتنا بيوتكم) (لدينا بيوت فاضية للأسر والعائلات) (مرحبا بأهلنا ) وغيرها، كما كانوا يحملون كل انواع الطعام والشراب والحليب والالبان والخبز وغيرها لإعطائها لمن أستمر في المسير شرقاً ..علمت ان احد الاصدقاء قد احضر اسرته للبيضاء ( كان يعمل من ضمن فريق تطوعي لإعادة الاتصالات والانترنت لبنغازي والمناطق المُحيطة بها)..
علمت انه قد وصل لفندق مرحبا بالبيضاء ومعه الاسرة ، فذهبت لأجل دعوتهم والاستضافة عندي في البيت…بعد السلام والاطمئنان ..طلبت منه ذلك ، فطلب منّي الاستئذان من صاحب ومدير الفندق ..ذهبت وأياه اليه ..وبعد الحديث ..رفض صاحب ومدير الفندق ..قائلاً ..”هم في ضيافتنا لمدة ثلاثة ايام والإقامة هنا كاملة ومجانا ..وبعدها لكل حادث حديث “..وهذا ما حدث ..إلا انهم بدل الإقامة ثلاثة ايام ..كانت يومان وعادوا …مدير وصاحب (فندق مرحبا بالبيضاء )كان هو ابن العم وصاحب المواقف الكريمة دائماً..الاستاذ حسين بوعتيق ، متّعه الله بالصحة والعافية واطال عمره ..
جمال علي شلوف:
للتاريخ هذه شهادتي
قبل فجر الجمعة 18/3/2011 بساعات رن هاتفي النقال
كان صوت حامد خطاب عياش الغاضب يصرخ طاليا النجدة لمئات العائلات على طريق طبرق اجدابيا الفارة من جحيم محاولة القذافي اجتياح اجدابيا والذين هم بدون بنزين وبدون هدف
تواصلت حتى ساعات الصباح مع أصدقاء ومعارف لأغاثة هذه العائلات وايجاد ملجأ لهم
ومع ساعات الشروق اﻷولى كنت في ميدان طبرق، وكانت نداءات الاستغاثة للمقر المؤقت في الخزانة متعددة.
البعض يطلب فزعة للعائلات (المطرطشة) على الطريق، والبعض يطلب دعم بالفراشات والبطاطين للبيوت التي استضافت النازحين من كافة البطنان وحتى واحة الجغبوب، وأخرين يعرضون بيوتهم ومساعداتهم المادية والعينية.
كان خميس الماجري تائها بين صدمة روايات العائلات النازحة وبين جمع التبرعات و عروض البيوت.
كان سالم بوشوال البريداني بعد الصلاة مصر ان نذهب معا لنفزع بالبنزين والاغاثة السريعة للعائلات لنمكنهم من الوصول لطبرق، واتفقنا على ذلك ذهبنا لمحطة البنزين (الوتر) لتعبئة براميل البنزين فذهلت لكم الرجال وحتى بعض العائلات من طبرق المنتظرين هناك لأستضافة عائلات اجدابيا النازحة في بيوتهم ومزارعهم
كذلك سمعت بعض الروايات المفزعة عن قصف رتل القذاقي للأحياء المدنية بالجراد من بعض الهاربين من اجدابيا، والذي كان بعضهم يطلبون البنزين وليس معهم نقود من النازحين في قرى البيضان والكيلو 35 ببراميل مليئة بالوقود وببعض من الاغاثة السريعة والمياه وقطن الاطفال وببندقية كلاشن واحدة كانت مع سالم بوشوال انطلقنا في طريق طبرق اجدابيا.
تفاجئنا بعدد اخر لابأس به من امثالنا من طبرق ومناطق أخرى يفعلون ما نفعله.
تجاوزنا ال200 والكيلو 35 والبيضان ساعفين من نقابلهم بالبنزين واﻷغاثة ووصلنا لعائلات في عراء الصحراء لم يسعفها وقود سياراتها لأبعد من ذلك.
كانت المناظر مؤلمة والروايات عن القصف مفزعة، لكن روح التأزر والتكافل كانت في اوجها.
سمعنا بعض الروايات عن بعض المندسين من المتعاونين مع كتائب القذافي الذين يستغلون فزعة الناس فيأخذون الوقود على أنه لعائلات تقطع بها السبيل
فرجعنا لبوابة ال200 حيث كانت سيارة البريقة مع منصور الغرياني تعطي البنزين مجانا لأبلاغهم باﻷنتباه.
عدنا ليلا إلي طبرق وما أن وصل أثير راديو طبرق حتى تفاجئنا بحالة التعبئة العامة فيها، بعد ابلاغ شخصية عسكرية بأن ارتال القذافي تتأهب لغزو طبرق.
وسمعت صوت صقر الجروشي يطلب عبر الاذاعة من الفازعين لحماية قاعدة طبرق الجوية ان يكتفوا فقط بمدافع ال14.5 متمركزة على بعد 15 كيلو حول القاعدة.
زدنا من سرعتنا لنتفاجئ بذاك الحجم البشري الكبير والغير محدود من شباب طبرق الذين طفقوا للدفاع عن مدينتهم وملاقاة الرتل الغازي.
وكان الجنود النظاميين يطلبون منهم عدم التقدم اكثر نحو القاعدة وطريق اجدابيا والصحراء واذكر جيدا مقولة بعض الشباب بعد ان اخبرهم بان امامهم خطر وقال (نحن جايبن للخطر بأختصار نحنا جايين نموتوا)
اتصل سالم بوشوال بنسيبه وابن عمه العقيد محمد منفور للأطمئنان عنه فلم يرد فذهبنا معا للقاعدة ودخلنا لنجد الطيارين في السرب يحاولون تهدئة من تمكن من الدخول للقاعدة وابلاغهم أن عندهم واجبات قتالية بمجرد شروق الشمس وان علينا ان نتركهم يعملوا بهدوء وان تكون حماية القاعدة من بعيد بينما كان بعض ضباط المنطقة الغربية يتواصلون مع طيارينا لابلاغهم بالتحركات العسكرية واذكر احدهم كان يتصل بالشهيد ابراهيم عبدربه يحذره من تحركات عسكرية بالقرب من مناطق نفطية.
خرجنا من القاعدة بعد اتفاق سالم مع متطوعين اخرين للقيام بدوريات جنوب القاعدة.
وعدنا بطريق شبه فارغة في العودة وشديدة الازدحام في الاتجاه الأخر برجال وشباب طبرق الذين باتوا ليلتهم ينتظرون غزوا لم يتم ومع اول ضوء للفجر أنطلقت من قاعدة طبرق أولى الطلعات القتالية لضرب رتل جبران فجر 19/3/2011 الذي يتوعد بنغازي بأكثر بكثير مما فعل اقرانه في اجدابيا
ملاحظة ..
حتى نهاية شهادتي لم يكن هناك لا طيران أجنبي ولا قوات دولية فقط جراد القذافي وصواريخه ضد بنادق المدافعين عن مدنهم من المدنيين والعسكريين
بالقاسم علي:
خش علينا عزمي البرغثي رحمه الله والنقيب عيسي ذاوود في المربوعة فالكيش عزمي رقد علي ظهرا ورفع كرعيه فوق ووجها اشهب وعيسي خش الحمام يغسل في وجا حياة عزمي قال بمرارة (هالخرا هذا جاي بقوة كبيرة) فالوقت هذا كان محمد القابسي وناجي الدرسي ومجموعة من الشباب اللي تراجعوا من جدابيا كانوا يقاوموا فالرتل مع باقي شباب بنغازي عند كوبري طرابلس توجه عيسي وعزمي لساحة المحكمة لقوها فاضية وهما امروحين لقوا مجموعة عند ميدان الشجرة وواضح عليهم اليأس خذا عزمي خوذة وعلم خضر وعزقها في وسطهم وقاللهم ( اهم جنود القذافي شوفوا شن درنا فيهم ) ارتفعت معنويات الشباب توجهوا لمقر الاذاعة المسموعة لقوها فاضية ومشغلين (سوف نبقي هنا) توجهوا بعدها للشهيد البطل اللواء عبدالفتاح يقول عيسي( لقيناه جالس وبهيبة قلناله كيف يسير ياافندي قاللنا ..الله غالب قاتلوا لاخر رجل القوة كبيرة جدا) وماهي الا لحظات حتي جائهم خبر سقوط مقاتلات سلاح الجو المدافعة عن بنغازي استمر القتال وتقهقرت القوة متراجعة للخلف والتقطت اشارة راديو من المعتصم القذافي وبين قائد الرتل يقول ان القوة التي امامهم قوة لايستهان بها وان الرتل اطرطش فيرد المعتصم(اني دازك تحارب مش زارد) ..طوابير الهاربين من انتقام القذافي من جهة وبعض سيارات فزعة من ضواحي بنغازي بسلاح خفيف من جهة اخري …وما هي إلا ساعات من الصمود حتي تدخلت مقاتلات فرنسية تقودها فتيات دمرت الرتل بمن فيه…
لن ننسي مهما حاولتم …أساس المصالحة جبر الضرر وعلي من يحيي ذكري المجزرة من المعتدين تعويض أهالي الضحايا وكل من سقط مدافعا عن العرض.