شاعرات ليبيات لـ218: “الفيسبوك” بوابة “إبداعنا” إلى القرّاء
خاص 218| خلود الفلاح
هل ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة “الفيس بوك”، في التعريف بنصوص شاعرات في مقتبل العمر وبدايات الكتابة.
في هذا التقرير، تتفق آراء الشاعرات على أن حساب “الفيس بوك” ساهم بشكل كبير في تعريف القراء بهنّ وإن كان عليه التفريق بين النص الشعري وحياة الشاعرة.
تقول الشاعرة إسراء الصابري: بما أنني لا أزال في البداية، الأيام القادمة ستوضح لي كيف ينظر المجتمع للمرأة الشاعرة، لكن نظرًا لما يعانيه مجتمعنا من قصور كبير جدًا في الوعي والثقافة والفكر؛ أرى أن الكتابة بشكل عام وحال الشاعرة والكاتبة بشكل خاص ربما يعاني من ضغط ومحاولات كبت للحس الإبداعي وتضييق وأحيانا كثيرة إلى إهمال.
شاعرة مغمورة
وتقرّ الشاعرة نجاح المبروك من مدينة طرابلس وتعمل طبيبة، بأن حسابها الشخصي على “الفيس بوك” ساهم إلى حد كبير في التعريف بنصوصها الشعرية، وكذلك في التعرف على شاعرات وشعراء ونقاد كان لهم الأثر في تطور تقنيات الكتابة لديها، فيما منحها البعض الآخر وعودًا لم تتحقق بعد. خاصة فيما يتعلق بطباعة ديوانها الأول.
وتقول الشاعرة نجاح المبروك: تم نشر قصيدة لي منذ حوالي عامين في صحيفة الكترونية تصدر من العراق، وهذا الأمر شجعني جدًا، خاصة أنني لم أرسل هذا النص، وتم اختياري أيضا من ضمن 50 شاعرة من الشرق لطباعة ديوان “روح شرقية” ونشرت فيه قصيدتين.
وأوضحت “نجاح” أن عدد الأصدقاء في صفحتها المهتمين بما تكتب لا يتعدى المائة، هذا ما تلاحظه في تفاعلهم مع كل نص.
وأضافت: أنا مغمورة كشاعرة في الواقع، لم أشترك في أصبوحات وأمسيات شعرية، ومن خلال القليل الذي اختبرته مع بعض من يقرأ، أن المجتمع لا يفرّق بين الشاعرة وما تكتبه، وأحيانًا أتلقى تعليقات تتناول النص بشكل شخصي وهذا يزعجني لحد ما.
نقطة تحول
بدورها، ذكرت الشاعرة هدى الغول، من منطقة أم الرزم وتعمل منسق شؤون طالبات في مدرسة ثانوية عامة، أنها لا تنكر أن “الفيس بوك” هو بوابة عبور نصوصها إلى الآخر.
وأشارت إلى أنها أنشأت حسابها الشخصي كانت على يقين، أنه سينقلها إلى أفق التحرر من قيد الكتابة لقارئ واحد أو اثنين إلى مجموعة لا يستهان بها من القراء والمتابعين.
وقالت: لقد شهد نقطة تحولي أو ما اسميه لحظة ولادتي الفعلية كشاعرة وكاتبة، والذي أرخته بعام 2017 رغم دخولي الأول للعالم الافتراضي العام 2009. فيه تمكنت من التخلي عن وجه الخجل في ايصال صوتي حيث أصبحت صفحتي الشخصية هي صوتي ونبضي أو بالأحرى المرآة التي تعكسني في كل حلية وزينة.
وأضافت “هدى”: كما أنه فتح لي مجال للتعارف والتواصل مع مجموعة من النقاد والشعراء العرب الذين اعتز بهم وبصداقتهم لأنهم كانوا أحد الأسباب في ظهوري وانتشاري، ومن خلالهم تعرفت إلى شعراء ليبيا وكُتابها، ولا ريب أن معرفتي بهؤلاء وأولئك جعلتني أخلق لنفسي مكانًا بينهم، انبثقت لي من خلاله نصوصًا نُشرت في مواقع وصحف عربية وأجنبية، وغدت لي قاعدة لا بأس بها من القراء.
ووصفت نظرة المجتمع للشاعر بالنظرة البسيطة أو غير المنصفة في بعض الأحيان، قائلة: تارة يرونه ساحرًا وتارة يظنون أنه مجنون، والحقيقة أن الشاعر كائن نوراني يرى الأشياء بعين ثالثة ورابعة أو ربما سادسة، غالبا ما ينفر الناس من فلسفته ولكنهم على يقين بأنه شخصية مختلفة يمكنه أن يقطف من الوقت شجرة ومن الطريق نهرا ومن النهر تيارا ومن التيار آماد.
وبحسب الشاعرة هدى الغول، فإن النطاق الواسع للمجتمع الثقافي بات يعرف مكانة المرأة الشاعرة ورونقها الإبداعي في الشعر، وقدرتها القوية الخلاقة في التألق ككائن مختلف وجذاب.
وأردفت: أمّا في النطاق الضيق للمجتمع مازال هذا المجتمع يراني امرأة نافرة منه إلى الجموح، منشقة عن عقده، متمردة على قيوده، ولكن الأقفاص تظل أقفاص وإن كبرت، وإن غردنا في كل حين.
إيجابية وقوة
في سياق متصل، أكدت الشاعرة آية الوشيش من مدينة بنغازي أن لمواقع التواصل الاجتماعي لمسة خاصة على نصوصها ومدى نضجها، نظرًا لكونها تواجه المتلقي بشكل فوري مما يجعلها قابلة للنقد والنقاش، كما ساهمت في انتشارها وتداولها، معتبرة أن هذه المواقع تثري الذائقة الأدبية
وتعتقد “آية”، خريجة كلية الصيدلة، أن نظرة مجتمعها تتراوح ما بين الإعجاب بما تكتب ونظرة الرفض، وقالت: الشعر ميلاد الجرأة في قلب المرء خاصة إذا كانت صاحبته انثى وكون السيدة القيادية والمتحدثة وصاحبة الفكر والقرار تعاني النبذ أحيانًا والتنمر أحيانًا أخرى ولكنها بمجرد إثبات المقدرة والرغبة في التقدم نحو الأهداف قد تجد في المقابل الدعم والتشجيع والاحترام.
وأضافت: أعتقد أن الشعر والكتابة شجاعة، والأقوياء يحترمون هذه الشجاعة؛ لذلك أعتقد أنني استقبلت النظرتين من المجتمع، وكلتاهما دفعتني بإيجابية نحو التصرف.
أمّا الشاعرة فيروز العوكلي من مدينة درنة وتعمل معلمة لغة انجليزية، فقد قالت: أول نصوص لي نشرتها في حسابي الشخصي على موقع “الفيس بوك” ومن هنا كانت البداية والطريقة الوحيدة التي نشرت من خلالها نصوصي لعدة سنوات.
وأضافت: أصبحت مؤخرا غير محبذة لفكرة أن أعرف بنفسي للمجتمع بأنني شاعرة. أعتقد أن هناك جفاء بين الذائقة العامة لدى الناس وبين الشعر الحديث وقد لا يتجاوز لديهم أكثر من كونه مجرد خواطر تكتب في مذكرات وتنسى.
وأردفت “فيروز”: كثيرون ينظرون إلي بصفتي شاعرة هاوية وسأتوقف عن ممارسة هوايتي عما قريب، ومفهوم الناس عن الشعر الحديث فعل ازدراء حتى وإن كان ذلك دون وعي منهم،فهم لا يزدرون الشاعرة وإنما المضمون الذي تود إيصاله وكذلك ما تريد أن تصل إليه هذه الشاعرة من خلال ما تكتبه “.