شئت أم أبيت.. أنت مراقب
محمد الطيب
إن كنت تقرأ هذا المقال يعني أنك ببساطة من ضمن الملايين المراقبين في هذا العالم، لأنك تستخدم هاتفا محمولا أو كمبيوترا أو أي نوع من الأجهزة الذكية المتداولة من جميع الشركات المصنعة لها.
أنت مراقب عبر شبكة من كاميرات المراقبة المتواجدة في كل مكان، في عملك في سيارتك في بيتك في كل غرفة، وعائلتك أيضا مراقبة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، حيث أن الكاميرا أصبحت شيئا ملازما لأغلب أو ربما كل الأجهزة المحمولة التي تقوم بتفعيلها لالتقاط الصور والفيديوهات، لكن هل هذه الكاميرات تعمل فقط بأمر منك أم أنها تستطيع أن توثق أي شيء في أي مكان وأي زمان من قبل الشركات المصنعة؟
لنبدأ بفضيحة أبل من سنوات قليلة ماضية والتي اعترفت أنها تستخدم أجهزتها المحمولة الموجدة في كل مكان في هذا العالم في رصد بعض الأشخاص أو في البحث عن صورة أو فيديو موجد ضمن نطاق شبكة هواتفها، والتي اعتبرها القانون شيئا يخالف خصوصية الزبائن الذين يستخدمون الأجهزة في حياتهم الشخصية ومن المفترض أن تكون غير قابلة للنشر أو حتى للاطلاع من أشخاص آخرين يعملون في الشركات المصنعة أو لشبكات الإنترنت، وهذه الفضيحة أكدت أن شركة أبل يمكنها أن تراقب تحركاتك في كل مكان ليس فقط عبر الإنترنت، فخدمة الجي بي اس المرتبطة بالأقمار الاصطناعية بإمكانها أداء نفس الخدمة دون الاستعانة بشبكة الإنترنت ووجهك ووجوه من حولك هي في نطاق الرصد.
لننتقل إلى التطبيقات ومواقع السوشيال ميديا لعل أبرزها الفيسبوك ففي فترة سابقة اعترف مالكه أن شركته تقوم بانتهاك خصوصية مستخدميه لمعرفة ماذا يفضلون وعن ماذا يبحثون ليس فقط في نطاق التطبيق أو الموقع، بل حتى إن قمت بكتابة بعض الكلمات في تطبيقات أخرى هذه الكلمات يمكن رصدها من خلال فيسبوك للتعرف أكثر عما تبحث، ويقوم بتحميل إعلان عن شيء يشابه تطلعاتك داخل التطبيق، لم يعجب هذا الاعتراف الكثير لأنه اختراق صريح لخصوصية المستخدم وأن المعلومات الشخصية والصور والفيديوهات وجميع بيانات الزبائن هي في متناول الشركة.
الأمر مؤخرا لم يقف هنا فقط فبصمة الوجه أصبحت من الأشياء الرائجة بين أجهزة الهواتف والتطبيقات، فبصمة وجهك مرسومة بتفاصيلها لديهم ومن السهل جدا رصدك في أي مكان تتواجد به بكل بساطة، حتى ولو ظهرت في إحدى الكاميرات الأخرى ستكون ضمن الوجوه المخزنة في نظام هذه الشركات، بالإضافة للمنتجات الخاصة بتثبيت الهواتف المحمولة، هي ليست فقط لمساعدتك في وضع الهاتف في السيارة بطريقة سهلة، أو على المكتب أو حتى في غرفة نومك، إنما هي أيضا تساهم في أن تكون كاميرة الهاتف دائما في وضع مباشر ترصد كل ما حولها بصورة معتدلة عالية الجودة، كأنك تضع كاميراتهم الخاصة بالمراقبة برضاك في إحدى زوايا المكان .
تطبيق فيس آب الذي انتشر مؤخرا هو من ضمن هذه التطبيقات التي ترصد الوجوه بتفاصيلها وتساهم في بناء منظومة لأغلب بصمات وجوه المستخدمين، وإن كنت تسأل لماذا الضجة حول تطبيق سبقه العديد من الأجهزة التي تستخدم بصمة الوجه، الإجابة وبكل بساطة أن الشركات المصنعة والمطورين هم من دول مختلفة، وبعض الدول قد تهدد أمن مواطنين دول أخرى لهذا تجد الهجوم على تطبيق من مطور ما لأنه من دولة لا يحبذون أن تكون لها فرصة في الحصول على معلومات جميع مستخدمي السوشيال ميديا والإنترنت وهذا حدث أيضا مع لعبة بوكيمون جو وهي من تطوير ياباني، والتي تفرض على مستخدميها استخدام الكاميرا للإمساك بالبوكيمونات، مما يمكن التطبيق من الحصول على صور الشوارع والمنازل والأزقة وكل رقعة يتواجد بها مستخدم للعبة، مما يفسر المد والجزر الذي يحدث بين الحكومة الصينية والولايات المتحدة الأمريكية حول أجهزة موبايل وتطبيقات وصلاحياتها داخل البلدين.
إذا سافرت للصين أو ربما قمت بالبحث عن هذا البلد، تجد أن العديد من التطبيقات المعروفة كجوجل مثلا، لا يسمح استخدامه لأن الحكومة ترى أن المسألة ليست مجرد هواتف ذكية وتطبيقات ومواقع، بل هي اختراق لخصوصية الشعوب وأمن الدول .
من الصعب جدا أن تحمي نفسك اليوم من هذا الاختراق العالمي لأنك حتى لو توقفت عن استخدام الأجهزة الذكية أو الكومبيوتر فإنك ستلتقي بمستخدميها من أصدقائك وأقاربك وزملائك في العمل، بكل بساطة أنت مراقب شئت أم أبيت، فقط تذكر هذا كلما كنت تحمل هاتفا أو بجانب حاسوب و”اضحك الصورة تطلع حلوة”