سوني ومايكروسوفت: حرب مبدؤها “تطلق، نطلق”!
دائمًا ما كانت هناك حرب ضروس تتلاحم فيها سوني مع مايكروسوفت، وتدور رحاها بين البلايستشين، والإكسبوكس. وفي عام 2020 الحالي، الحرب وصلت إلى ذروتها بالفعل، وتحديدًا في هذه الأيام. قدمت سوني بالفترة الماضية كوكبة من الألعاب الممتازة تحضيرًا لجيلها الجديد، بينما عرضت مايكروسوفت مجموعة من الألعاب لا بأس بها. وبعد عرض الألعاب، بات السعر هو الشيء المنتظر من الشركتين. هنا فعلًا نرى مبدأ “تطلق، نطلق” يتصدر الساحة التكنولوجية.
يعتمد هذا المبدأ على الخوف المتبادل. سوني خائفة من الإعلان عن سعرها أولًا، ثم تقوم مايكروسوفت بتقديم جهازها بسعر أرخص، فبالتالي تربح منها سوق المبيعات؛ على حساب البيع بالخسارة لأول ثلاث سنوات مثلًا. وهذا بالفعل ما حدث في بلايستيشن 3؛ حيث صدر بسعر مرتفع، وقامت مايكروسوفت بترخيص جهازها المنافس، وبلعت منه السوق كلها. والعكس صحيح أيضًا يا رفاق، مايكروسوفت مرعوبة من تحديد السعر أولًا، فترخِّص سوني جهازها، فتربح منها السوق.
والآن كل شركة تنتظر الأخرى أن تعلن عن سعرها أولًا، لتقوم هي بعمل ضغط سوقي عليها عبر تخفيض السعر. وفي المنتصف، نجد العديد من المؤتمرات الصحفية الهزيلة، والتي مهمتها هي كسب الوقت، وتشويق الجمهور للجيل الجديد ليس إلا. حتى أن هناك شركات لم تقرر سعر ألعابها الجديد، وشركات وصارت تتخبط باستمرار، نظرًا لعدم تقرير أصحاب أجهزة اللعب؛ لأسعارهم بالفعل!
في يوليو تم إطلاق مؤتمر الإكسبوكس ولم يكن موفقًا. لكن بالفترة الأخيرة تم الإعلان رسميًّا عن ميعاد صدور الإكسبوكس الجديد، والذي هو نوفمبر 2020. بينما تقول بعض الشائعات أن سوني ربما تطرح البلايستيشن في سبتمبر 2020، أي قبل مايكروسوفت بشهرين. ربما هذا يعني أن سوني التي ستطرح سعرها أولًا، ثم ستقرر مايكروسوفت سعرها؛ وبناء عليه تربح منها سوق المبيعات الأولية؟ لا أحد يعلم في الواقع. لكن هنا يجب التركيز على نقطة، ألا وهي أن سوني حريصة للغاية على ضمان سوق الجيل الجديد.
الآن إكسبوكس منصة جانبية لدى مايكروسوفت، مجرد ذراع في أخطبوط عملاق. أي إذا قررت جيتس إلغاء وجود مايكروسوفت في عالم الألعاب تمامًا، لن تتأثر الشركة كثيرًا؛ وهذا على عكس سوني بالطبع. ربح سوني الأساسي يأتي من البلايستيشن، فإذا خسرت بداية سباق الجيل الجديد، ستكون الشركة في خطر محدق فعلًا.
وربما ستكون الدفّة مائلة لصالح سوني بالفترة القادمة، وذلك بسبب تأجيل لعبة الحصرية Halo Infinite التي كانت من مفترض تكون لعبة الانطلاقة؛ إلى 2021، بالرغم من إغراق الإنترنت بها مؤخرًا. وهذا سيُعطي مساحة للعبة الأبرز لدى سوني في وقت الانطلاق، ألا وهي Spiderman الجديدة؛ بجانب بعض الألعاب الأخرى. وبذلك ستسرح وتمرح لعبة الانطلاقة، وتكون هي محط أنظار الجميع كحصرية قوية (ومتاحة للعب سريعًا) في الجيل الجديد؛ مقارنة مع المنافسين الذين أجلوا حصريتهم القوية. فبالتالي ترتفع معدلات سوني على حساب مايكروسوفت.
الإشاعات المُزلزلة!
وعلى ذكر إشاعة صدور البلايستيشن في سبتمبر، لماذا لا نتحدث قليلًا عن الإشاعات التي انتشرت في الفضاء الإلكتروني بالفترة الماضية؟
أبرز الإشاعات التي نتمنى أن تكون حقيقية، هي أن سوني ربما تعتزم تطبيق نظام الـ Demo على ألعابها. أي أنه من المسموح لك تجريب اللعبة لمدة معينة، وبناء عليه تقرر الشراء من العدم. من الممكن أن يتم ذلك عبر تحميل اللعبة كنسخة تجريبية، أو حتى لعبها بشكل مباشر على سيرفرات الشركة، كنظام Stadia الخاص بجوجل أو XCloud الخاص بإكسبوكس. لا أعلم يعلم في الواقع، لكن إذا حدث ذلك، ستكون إضافة مهولة لمكتبة خواص سوني المميزة. فبدلًا من مشاهدة أسلوب اللعب على يوتيوب، سيكون التفاعل المباشر بين اللاعب واللعبة؛ هو الدافع الرئيسي للشراء من العدم.
أما بالنسبة لإكسبوكس، فتم تسريب صور لعلبة ذراع التحكم الجديد. لكن المثير في الأمر ليس الصور أو الذراع نفسه، فكل هذا معروف سابقًا. المثير فعلًا هو توافق الذراع مع الـ XBOX Series S، حيث إنها جملة محفورة على العلبة بالفعل. أي أن هناك نسخة من الإكسبوكس ستصدر بإمكانيات أقل من نسخة الـ X القوية، وسيكون اسمها S. وبفضل كونه مكتوب على علبة نفس الذراع الذي يعمل على الـ X، فبالتالي إصدار الـ S ربما يكون موازيًا لإصدار الـ X. بجانب دعمه للـ iOS، فهل سيكون ذراع PS5 الجديد داعمًا له كذلك؟
الإشاعة الأكثر إدهاشًا للـ PS5 الجديد، هي التطوير القوي لخاصية الـ Share Play الموجودة مسبقًا. حيث سيكون التطوير عبارة عن مشاركة جزء من اللعبة (مدته 20 ثانية مثلًا)، مع الآخرين. ستقول لي: “ألم يكن هذا متاحًا؟ ألم نشارك الصور ومقاطع الفيديو القصيرة من قبل”؟ أجل، أنت محق، لكن هذه المرة التجربة تفاعلية تمامًا. حيث يمكن للطرف الآخر لعب نفس المرحلة، دون الحاجة إلى شراء اللعبة.
ويُقال أن هذا هو سبب تغيير اسم زرّ المشاركة – Share إلى زرّ الخَلق – Create. وما يدعم صدق تلك الإشاعة هي إشاعة طرح الألعاب في هيئة Demos، مما يبرهن على سعي سوني نحو فتح باب تجريب ألعابها بطرق مختلفة ومحدودة، دون دفع أموال. لكنها تظل إشاعة في الأول والآخر يا رفاق، وتظل مجهولة الآلية كذلك.
كما يُزعم أن الـ PS5 سيحتوي على ميزة التوافق المسبق. أي أنك ستستطيع تشغيل ألعاب الأجيال السابقة؛ على الجيل الجديد. لكن بالطبع هنا تتفوق مايكروسوفت، حيث أن جهازها الجديد يستطيع تشغيل 4K حقيقي، على عكس سوني، بجانب كونه حاصلًا على ميزة التوافق المسبق بالفعل.
وبعيدًا عن الإشاعات، فقد وقع ذراع تحكم الـ PS5 الجديد تحت يد أحدهم، وقام بتفكيكه واستخراج البطارية، وعمل على تجريبها وقياس سعتها بشكلٍ دقيق. وهنا وجد أن سعة البطارية الجديدة هي 1560 ميللي أمبير، مقارنة بـ 1000 ميللي أمبير في ذراع الـ PS4 السابق. وذلك يعني أنه سيعمل لمدة أطول. وبالطبع أتت الزيادة تلبية لقدرات الـ Dual Sense التفاعلية الجديدة التي تتغنى بها سوني، والتي ستعمل على جعل تجربة اللعب أكثر انغماسية وحيوية.
لكن إذا نحينا الشائعات والحقائق جانبًا، سنجد أعيننا تلتفت وحدها إلى التوقعات. ولا توجد توقعات في سباق الجيل الجديد؛ أكثر إثارة من توقعات المبيعات، أليس كذلك؟
سوني تستهدف بيع 120 مليون نسخة من الـ PS5 في الخمس سنوات القادمة، وذلك بالرغم من توقعات استمرار فيروس كورونا المستجد حتى مطلع 2022. ولنضع في الحسبان أن الفيروس يقلل ساعات العمل، فبالتالي يرفع من القيمة السعرية للمنتج الذي أصبح تصنيعه في ظل الجائحة؛ أمرًا صعبًا. لذلك من المتوقع أن يكون السعر مرتفعًا.
لكن خوفها من الخسارة جعلها حتى الآن خائفة من إعلان السعر، وما زالت تنتظر مايكروسوفت لتُعلن عن سعرها. ومايكروسوفت بالطبع لديها نفس المخاوف، خصوصًا أن قوتها من حيث الحصريات، لا تذكر تقريبًا مقارنة بسوني.
كما أن مشكلة سوني حاليًّا هي الافتقار للخطة الواضحة لمعالم الطريق، على عكس مايكروسوفت مثلًا. فالأخيرة لديها Smart Delivery، وهي آلية ممنهجة تسمح للجمهور بتحديث نسخ ألعابهم القديمة، دون دفع أموال. بينما سوني حتى الآن لم تقدم للجمهور خطة واضحة بهذا الشأن على الإطلاق.
وبالرغم من وجود شائعات ضعيفة تقول إن السعر سيتراوح بين 500 إلى 700 دولار (للجهازين)، إلا أنه هنا يأتي السؤال الأهم: “كيف ستربح سوني إذا قللت من سعر الـ PS5 كي تنافس مايكروسوفت؟”.
الإجابة يا عزيزي تتمثل في كلمة واحدة: المحتوى الإلكتروني.
سوني هذه المرة لم تركز فقط على الهاردوير، بل على السوفت وير كذلك. فأعلنت عن نسخة رقمية، خالية من قارئ الأقراص تمامًا. وهذا بالتالي سيرفع من مبيعات الألعاب مباشرة على متجرها، مما يترتب عليه زيادة في اشتراكات الـ PS PLUS. وعندما يرى الناس أنها خدمة فعالة، ربما يشتركون في PlayStation Now كذلك، ليعيشوا نفس التجربة على أجهزة مختلفة لا تحمل علامة سوني التجارية.
وذلك بالطبع بعد أن توقعت ربح مايكروسوفت من الـ Game Pass الذي يقدم لحامليه ألعابًا لا تحصى مقابل سعر زهيد، وكل هذا إلكترونيًّا، بدون اسطوانات. بجانب أن سوني أنفقت الكثير على جلب ألعاب الطرف الثالث وجعلها حصرية لجهازها الجديد، كما أنفقت على الطرف الأول. لذلك قررت الاهتمام بالجميع، وطرح ألعاب تناسب جميع الأذواق على الجمهور.
والجدير بالذكر أن سوني لم تظهر بمؤتمر E3 للألعاب بالفترة الأخيرة، في دلالة منهم على نقل الدعايا كلها إلى الإنترنت. وذلك بالطبع يبرهن على اهتمام سوني بالفضاء الإلكتروني بشكلٍ عام.
وبالتأكيد، الحقيقة واضحة وضوح الشمس.
سوني ومايكروسوفت في معركة مهولة باستمرار، والأمر لا يقتصر فقط على وقت صدور الجيل الجديد. المعركة تجمع الأجهزة، الألعاب، المطورين، اللاعبين، وجميع أعمدة صناعة الألعاب؛ في بوتقة واحدة تنصهر فيها الأموال والطموحات، سنين وسنين، لتتشكل في هيئة سيوف ودروع لدعم معركة الجيل التالي.