سلاح التعليم
بيتر ميليت
قال نيلسون مانديلا: “التعليم هو أقوى سلاح يمكن استخدامه لإحداث التغيير في العالم”
يُستخدم التعليم كسلاح ضد عدة أعداء، مثال على ذلك: الجهل، وقلة الفُرص، والفقر. نظام التعليم السيئ يؤدي إلى إنتاج أشخاص يفتقرون إلى المهارات التي يبحث عنها أرباب العمل. تبعاً لذلك سوف يفشلون في العثور على وظائف، ولن يكونوا قادرين على التغلب على عدة تحديات مثل الفقر.
كيف ينعكس هذا المفهوم بالنسبة إلى ليبيا؟ على المدى القصير، يعني ذلك أهمية ضمان أن جميع الأطفال قادرون على الالتحاق بالمدارس، خصوصاً أن قطاع التعليم قد تضرر بشكل كبير في العديد من المناطق في ليبيا، فالعديد من الأطفال غير قادرين على الذهاب إلى المدارس بسبب تدمير بعض المباني أو تلفها. تعمل الأمم المتحدة على إعادة تأهيل المدارس وتوزيع الإمدادات التعليمية الأساسية لصالح الأطفال المتضررين.
مثل هذه الإجراءات تُمثل الاحتياجات الطارئة في الإصلاح التعليمي. ولكن على المدى المتوسط إلى البعيد، ينبغي أن يكون إصلاح نظام التعليم عُنصرا أساسياً من عناصر الإصلاح الاقتصادي، الاقتصاد الليبي في حاجة ماسة إلى التنوُّع. لأنه يعتمد على مصدر واحد للدخل وهو: النفط والغاز، كما أن فُرص العمل تعتمد بشكل كبير على وظائف القطاع العام، حيث تحوي الغالبية العظمى من الطبقة العاملة في ليبيا.
مصادر الدخل المذكورة لا تُشكل حلاً مُستداماً. فالعالم اليوم أصبح أقل اعتماداً على النفط؛ ولم تعد ليبيا قادرة على دفع مرتبات العاملين في أنشطة غير منتجة إلى حد كبير. من الضروري خلق فرص عمل جديدة، وخاصةً في القطاع الخاص، ولكن هكذا استثمار لن يأتي إلا إذا كان النظام التعليمي ينتج أُناساً بالمهارات التي تبحث عنها الشركات.
ما نوع المهارات التي سوف يبحث عنها أصحاب العمل في المستقبل؟ الأطفال الليبيون الذين بدأوا الدراسة هذا الخريف من المفترض أن ينهوا الدراسة عام 2030، ويدخلون سوق العمل التي ستتغير بجميع المقاييس من يومنا هذا. الوظائف التي يقوم بها آباؤهم وأمهاتهم الآن لن تكون بالضرورة ذات ربح كبير في المستقبل. إنهم بحاجة إلى أن يتطلعون إلى الوظائف المُستقبلية، مثال على ذلك: أخصائي التمويل الجماعي، مهندس الإنترنت، مهندس الطب الحيوي، وحدة تحكم مدني بدون طيار، وغيرها التي لا يمكننا حتى تخيلها.
إن العالم الذي سوف يصبح فيه هؤلاء الأطفال بالغين، سيختلف كثيراً عن العالم الذي نعيشه اليوم. إن دمج التطور الاقتصادي والتقدم التكنولوجي سيؤدي إلى خلق سوق عمل مختلف تماماً.
كيف يتم تغيير المنهج والامتحانات وطُرق التدريس لإعداد وتهيئة الأطفال لهذا العالم المستقبلي؟
يُحتاج أن يتركز التعليم حول:
* تقييم وشرح وتوظيف المعلومات بدلا من حفظها واستنساخها.
* العمل معا كفريق وليس كأفراد.
* الإبداع والابتكار.
التدريس والتعلُم لن يحدُث فقط في غرفة مع مقاعد وسبورة ومُعلم في الواجهة، التعليم يمكن أن يحدث في أي مكان وفي أي زمان. على أية حال، يجب على الأطفال أن يتعلموا التكيُّف، والنمو، وتنمية القدُرات والتحفيز، وتوسيع الآفاق، ونقل وتطبيق المعرفة. وعلى الكبار أيضا تعلُم مهارات جديدة للاستمرار في وظائفهم.
هذا النوع من التغيير سوف يساعد أيضا على إنتاج مواطنين صالحين وأفراد مُبدعين ومنتجين، وأيضاً أن أفراداً مسؤولين في المجتمع مُلتزمون بمصالح وقيم بلدهم وأيضاً إنتاج مواطنين ذوي مؤهلات عالمية.
التغيير لن يكون سهلا أبداً، ولكن العديد من البلدان قد شرعت بالفعل في برامج الإصلاح التعليمي، وهي تتطلب قرارات صعبة لا يمكن أن يتخذها إلا الليبيون أنفسُهم. من المهم إجراء حوار منفتح وشفاف. يمكن للمجتمع الدولي أن يقدم المساعدة، ولكن فقط إذا كان هناك توافق بين الليبيين على التقدُم إلى الأمام.
قطاع التعليم جيد ذو معايير عالية، أمر مهم وينعكس بشكل أساسي على الشباب وأيضاً يعود بالنفع على الاقتصاد. إن تسخير إمكانيات الشباب – التي يمتاز بها الكثير من الشباب في ليبيا – هو أفضل وسيلة لتحقيق طموحاتهم والوصول للرخاء الذي يستحقهُ الليبيون.
اللغة الإنجليزية أيضاً يجب أن تكون من ضمن المهارات الأساسية التي سوف يتم توظيفها في المستقبل، فهي اللغة الأكثر استخداماً على نطاق واسع في مجال الأعمال التجارية، والإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية.
يشارك المجلس الثقافي البريطاني في ليبيا بشكل واسع في إجراء امتحانات اللغة الإنجليزية، ويقف على أهبة الاستعداد لتقديم الخبرة والخبرات في مجال إصلاح التعليم.