سر الاهتمام الأوروبي بالملف الليبي
تقرير| 218
بعد سنوات من التحفظ وعدم الانخراط في الجهود الدولية الرامية لإنهاء الصراع في ليبيا، بدأت القوى الأوروبية – ولا سيما فرنسا وإيطاليا – بالخوض في الجدل حول كيفية وضع حل للصراع في ليبيا، ولكن على ما يبدو فالكرة الآن في ملعب روما، حيث تنظم الحكومة الإيطالية مؤتمراً في صقلية في 12-13 نوفمبر القادم “لإيجاد حل مشترك، على الرغم من أنه سيكون هناك آراء مختلفة حول الطاولة.”
وقد كثّفت الدول الأوربية اهتمامها لإيجاد حل سريع للأزمة في ليبيا لعدة اعتبارات، فإلى جانب مسألة الهجرة، فإن أسعار النفط المتقلبة، وعدم اليقين بشأن المصير النهائي للنفط الخام الإيراني، أضاف حافزًا للمجتمع الدولي على أخذ خيار التدخل لوضع نهاية للصراع، حيث يتطلع المحللون بشكل متزايد إلى ليبيا ونيجيريا باعتبارهما المنتجين الوحيدين اللذين يمكنهما الاحتفاظ بالنفط تحت حاجز 100 دولار للبرميل، ويأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه أسواق النفط تقلبات كبيرة بسبب الأوضاع السياسية في الدول المنتجة للنفط.
وتمكن إنتاج ليبيا المتنامي من تجنب بعض الانخفاضات غير المتوقعة في الإنتاج – مثل انخفاض الإنتاج الإيراني بواقع 150 ألف برميل في اليوم، والذي عوضته قفزة الليبيين بواقع مليون برميل في اليوم، بينما تزيد الطاقة الاحتياطية الإجمالية للسعودية على 1.3 مليون برميل في اليوم ، إلا أن ذلك لن يغطي ما يقرب من مليوني برميل في اليوم من صادرات إيران في أغسطس، والتي ستنخفض مع فرض عقوبات إدارة ترامب على الحكومة الإيرانية في الخامس من نوفمبر، ما يمنح ليبيا أهمية لاستقرار أسواق النفط العالمية.
ومع تنامي دور ليبيا في المشهد الاقتصادي، يتنامى دور أوروبا الجديد في الملف الليبي، ففي الوقت الذي يرسل فيه الإيطاليون دعوات للأطراف الليبية لعقد مباحثات على أراضيها، يستمر الفرنسيون في الضغط من أجل إجراء انتخابات 10 ديسمبر، كما أن الحكومة الإيطالية وعدت باستثمار 5 مليارات دولار في مقابل تشديد ليبيا على المهاجرين في البحر المتوسط.
وفي ظل هذه المعطيات، لا يبدو أنه من الغريب رؤية الدوافع التجارية كقوة دافعة وراء الزخم الجديد لإصلاح ليبيا، وهي البلد الذي يمتلك أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا، حيث إن فرنسا ترغب في تثبيت حليف دبلوماسي في شمال أفريقيا، في حين أن عملاق النفط إيني، التي تملك الدولة الإيطالية 30% من أسهمها، حصلت على حصة مسيطرة في الأصول التابعة لشركة بريتيش بتروليوم، وتأمل شركة “إيني” النفطية باستئناف التنقيب عن النفط والغاز، إلا أن هذا يستوجب إيجاد حل جذري للفساد المستشري وعدم الاستقرار في قطاع النفط الليبي وهو ما يجعلها تسعى حثيثا لإيجاد الحلول، لاسيما وقد أشار رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله قبل بضعة أيام إلى أن شركة “بريتيش بتروليوم” وشركة “إيني” يمكنهما مساعدة بلاده على زيادة الإنتاج “بمئات الآلاف من البراميل” مع مطلع الربع الأول من العام المقبل.