رغم الاختلاف …نحن محكومون بالأمل
مبروك الصغير
منذ أبريل الماضي وتحديداً بعد اندلاع اشتباكات طرابلس، وأنا أراقب ما يحدث ويُكتب على هذه الحرب من قبل المواطنين العاديين.
الحرب المعلنة في الفضاء العنكبوتي أدت إلى بروز أطراف شكلوا انقساماً بينهم… مصطفّون مع أحد الأطراف، وآخرون اختاروا الشماتة في حين وقفَ آخرون متفرجين، والطرفان الفاعلان هنا واللذان شكلا عنصرا المواجهة، لم يدخرا جهداً في التفاعل انطلاقا من مواقفهما، وبدأت الآراء والبيانات والتسريبات التي لم تخلُ من تزييف في ملأ الفضاء الإلكتروني عبر منافذ نشر مختلفة .
لا أعرف إن كانوا يعلمون أن منشورا واحد على صفحة فيسبوك قد يرقى مفعوله إلى ما يتساوى مع تأثير مدفع رشاش، مرشح وبقوة إلى أن يتسبب فعلياً ومادياً في قتل وجرح العشرات من البشر في مناطق مختلفة موزعة بين شرق البلاد وغربها.
لا أعرف إن كانوا يدركون أيضا بأن كتابتهم التي تعكس اختلاف مواقفهم إنما تعبر وتعكس ثقافة تقود إلى تقبل وتأصيل الكراهية بما ينتج عنها من تشهير وتحقير.. وهذا التساؤل يقود إلى دق ناقوس الخطر، خوفا من أن سيادة هذا الأسلوب ستؤدي فقط إلى تنامي سيطرة لغة الخطاب هذه، حتى إنها قد تتحول تلقائياً مع طول استعمالها وتكرار تبنيها إلى عيش حياة مليئة بالكراهية، ما قد يؤدي بالتالي إلى أن يصبح العنف أمراً مشروعا.
مما يثير الاستغراب أيضاً أنه حتى في ضوء الركود الذي قد يسيطر على المشهد العام، فإن الساحات الخلفية والمتمثلة فيما وراء الشاشات، وتعاطيها الموبوء مع الأحداث ، يشكل اشتعالا لحرب تدور رحاها بين الخصوم، عبر شبكات التواصل، فالكل متواجد بعدته وعتاده، أشخاص حقيقيون، بعضهم معروفون وآخرون يشكلون نسبة لا بأس بها من شخوص وهمية، والمحصلة تشكل معظم التخصصات والصفات، من رجال الدين ومثقفين ومنتفعين وحاقدين، والكل يسوق بأن خطابه يمثل جوهر الحقيقة في محاولة للسيطرة على العقول واستجداء التعاطف.
السؤال الأهم والذي يقود إلى استخلاص حقيقة لا مفر منها، يتمحور حول أنه لا مناص من دراسة الظواهر وآليات تعاطيها مع الأحداث والمستجدات، وما ينتج عن هذا التعاطي، والذي سيكون تساؤل مهم على رأس جملة التساؤلات، والمتمثل في البحث عن كيف يتحول الاختلاف في الرأي إلى تنابز كلامي مشحون بالانفعالات، عبر النقد اللاذع والتهجم على الآراء المعاكسة!!
هل قادت طرق تربينا إلى تأصل فكرة الانتصار للرأي، بتجاهل ضرورة قبول التعددية الفكرية ومحاولة الفهم والقبول بمبدأ أساس متمثل في ضرورة التعايش بسلمية ضمن مجتمع متعدد بتلقائية وطبيعية.
ويبقى الأمل يحكمنا بأن يتم تحكيم العقل لنخرج من تحت الرماد.