ذهب ليبيا “الأخضر” يتأثر بحظر التصدير
ترجمة خاصة218
يرى موقع “Arab News” أن صادرات المنتجات الليبية الأكثر رمزية – وهي التمور والعسل وزيت الزيتون – قد توقفت منذ عام 2017.
وعلى الرغم من أن 2 % من مساحة ليبيا البالغة 1.7 مليون كيلومتر مربع فقط هي الأرض الصالحة للزراعة، في بلد يشتهر بمساحات واسعة من الصحراء، فإنّ بساتين أشجار الزيتون في شمال غرب ليبيا قد صمدت بفخر في وجه الصراعات المدمرة في البلاد في السنين الأخيرة.
لكن صناعة استخراج زيت الزيتون، التي يطلق عليها في كثير من الأحيان “الذهب الأخضر” مقابل “الذهب الأسود” لصناعة النفط، باتت مهددة الآن، بعد أن أوقفت السلطات الليبية الصادرات في محاولة “لحماية” المنتجات المحلية.
ويرى موقع “أراب نيوز” أن ليبيا التي عصفت بها النزاعات الداخلية المريرة منذ الإطاحة بنظام القذافي، فشلت في تنويع اقتصادها على الرغم من الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها صناعاتها في مجال السياحة ومصايد الأسماك، ورغم إشارة السلطات مرارًا إلى رغبتها في تطوير صناعة زيت الزيتون الواعدة.
في مدينة ترهونة، ينظر المزارعون والعمال في معاصر الزيتون إلى هذه التعهدات بعين الريبة، كما يناقضها واقع الحال الذي يعيشه المزارع وصاحب المعصرة على حد سواء، وهو ما يؤكده “زهير البحري” صاحب معصرة في ترهونة بقوله: “لدينا مشاكل باستمرار في الحصول على قطع الغيار التي أصبحت باهظة الثمن بسبب انهيار الدينار مقابل الدولار، وأيضا بسبب تكلفة عملية استخراج الزيت”.
ويوضح زهير بأن جني ثمار الزيتون يتم في مزرعته والكثير من المزارع باليد، تجنباً لإتلاف الأشجار جراء استخدام آلات القطف، ثم يُنقل المحصول الناضج من فوق قطع قماش ضخمة، في أكياس كبيرة إلى المعاصر، ليتم استخلاص الزيت الغني بعناية تامة.
و يؤكد بحري بأن هناك ما يكفي من الإنتاج في ليبيا، مستغرباً السبب وراء منع التصدير حتى الآن.
وتوقفت صادرات المنتجات الليبية الأكثر رمزية، منذ عام 2017. وقال مرسوم في ذلك الوقت إن التعليق سيكون “مؤقتا” تلبية لاحتياجات السوق المحلية. و لم يتم بعد تحديد موعد لاستئناف الصادرات.
وفي تبرير لهذا الحظر، قال مسؤول في وزارة الزراعة إن المنتجات “تم تصديرها بكميات كبيرة، وبأسعار منخفضة، وبدون إضافة قيمة للاقتصاد الليبي” ، ما أدى إلى تلبية الطلب المحلي على هذه المنتجات بواردات باهظة الثمن.
ويستمر المزارعون المحبطون بالتعامل مع ندرة محطات التعبئة والتغليف المتخصصة، فيما تنتج ليبيا، التي تعد في المرتبة الحادية عشر في العالم بالنسبة لإنتاج الزيتون، حوالي 150.000 طن من المحصول سنوياً.
يتم عصر وتكرير %20 في المائة فقط من هذا الإنتاج إلى زيت، وبالتالي تعتبر ليبيا متأخرة كثيراً عن الجيران في المغرب وتونس والجزائر، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.
ويؤكد علي نوري، أن الصناعة تحتاج إلى المزيد من الاهتمام والموارد من أجل الرخاء، بدءاً بالري الأفضل في هذه المنطقة الصحراوية، فضلاً عن مساعدة الدولة لضمان مراقبة الجودة وتأسيس مصانع التعبئة. ورغم أن البدائل المستوردة الرخيصة لزيت الزيتون – مثل زيت الذرة – أصبحت جزءًا من المأكولات الليبية، فإن “زيت الزيتون يبقى الخيار الأول” بين الليبيين ، حسب قول نوري. كما يؤكد أن أشجار الزيتون كانت قد “أنقذت” الليبيين خلال الفترات العجاف قبل اكتشاف النفط في أواخر الخمسينات. ويصف شجرة الزيتون بأنها كانت “أمًا مغذية”
ومن بين مئات أشجار الزيتون في مزرعة علي نوري الكبيرة، هناك مجموعة نادرة من الزيتون الأبيض. مصدرها توسكانا في شمال إيطاليا ، والشجرة – المعروفة باسم olea leucocarpa – تحافظ على لونها الفاتح حتى عندما تنضج. لكن ترهونة ليس فيها سوى خمس أو ست عينات يزرعها الإيطاليون.
في غياب الإنتاج القابل للتوسعة ، يتم خلط الزيتون الأبيض – الحلو ، مع محتوى منخفض الحموضة ورائحة مميزة – مع أنواع الزيتون الأخرى لإنتاج الزيوت.
ووفقا لوزارة الزراعة تضم المساحة القابلة للزراعة، والتي لا تتجاوز الـ2% من مساحة ليبيا، أكثر من ثمانية ملايين شجرة زيتون. فإلى الشرق من ترهونة تقع منطقة مسلاتة المعروفة بأشجار الزيتون التي تعود إلى قرون من الزمن وتنتج زيتًا حلوًا مميزًا وقوي المذاق.
لكنها تعرضت للضرر في العقود الأخيرة. وقال مختار علي، الذي تضم مزرعته عينات عمرها 600 عام، إن قطع أشجار الزيتون كان ممنوعا بشكل صارم قبل وصول القذافي إلى السلطة عام 1969. كما أن الفوضى التي عصفت بالبلاد منذ سقوطه قد قللت من مخزون الأشجار. ويضيف “في الوقت الحاضر يجري اقتلاع أشجار الزيتون مع الإفلات من العقاب لصنع الفحم أو استبدالها بمنشآت خرسانية” لكنه يظل متفائلاً ، حيث يرى بريقًا من أمل في محاولات العديد من المزارعين للحفاظ على تراث البلاد، إما عن طريق زرع الأنواع المحلية ، أو استيراد أشجار جديدة من إسبانيا.