ذكريات صغيرة
محمد بن طاهر
1- مطلع الثمانينيات نجح أخي نجيب في الشهادة الإعدادية وكان فرِحاً بذلك متأهبًا لاستكمال دراسته، إذ به يوجه إجباري نحو الثانوية الفنية العسكرية، عندما كنا نزوره في الشهور الأولى كنا نمر أولاً على كلية الدفاع الجوي بتاجوراء، لزيارة ابن عمي الصديق، أتذكر ذلك كان صباح الجمعة، أبي يقود الداتسون 200 L الصفرة، أمي بجانبه وامرأة عمي حياة بنت الطويل الزنيقري معنا في المقاعد الخلفية، معنا زاد الطريق وما نحمله للزوار، كان يستقبلنا المرحوم الأفندي محمد النعيرية، ضابط في حينها، يأمر الصديق بالتحرك نحونا، نقضي معه حوالي ساعة، ثم نتجه لطريق المطار، نزور نجيب أخي ومصطفى سويسي جارنا الطيب، كانت سنوات صعبة عليهم وهم صغار السن وحرب تشاد تحرق ربيع الشباب.
2- ركب سيدي طرمبة عالية الصوت ومميزة على البطاح، كان عندما يعود من سفراته البعيدة الصحراوية المتتالية، يضرب الطرمبة من مدخل مصراتة، الذي يسمعها يخبر الآخرين، نركض مسرعين نحو شارع طرابلس، نلمح خشوم المرسيدسات 26×24 الخضراء الزيتية في المقدمة الحاج محمد أبوشعالة (الصايلي) وخلفه سيدي يلوّح لنا بيده ويضرب الطرمبه من جديد، نرجع فرحين لاستقباله أمام البيت حيث يناور ليركن السيارة بالبياتينه، نتحلق حوله في مشهد طفولي بريء نحن وأبناء وبنات عمي، حينها لم يكن هناك هاتف جوال كي يخبرنا بموعد رجوعه، كان والدي يردد دائما جملة (المشية مشية الله والرجوع كذلك) عندما نلح عليه بالسؤال متى ستعود؟
3- كان عمي الهوني رحمة الله عليه مباشر بمدرسة علي المستيري، في المساء كنا ندرس الابتدائية، على رنة جرسه اليدوي نخرج للاستراحة وكذلك ينتهي اليوم الدراسي، بعد أن فتحت مدرسة 11 يونيو في قلب قرية الجهانات، نقلونا من الصف الرابع نحن الذكور للدراسة هناك صباحاً، بقت المستيري للبنات مديرها عمي جمعة، الدراسة بها صباحية ومسائية، في العشية كان أحياناً يطلب منا عمي الهوني أن نعينه في إقفال شبابيك وأبواب المدرسة، يمدنا بما تبقى من سندوتشات التن الفايح.
ربما للذكريات بقية