دي ليخت .. بائع الماء في حارة السقايين
طه البوسيفي
أتم يوفنتوس صفقة يراها هو مهمة في هذا الميركاتو وهي صفقة ماتياس دي ليخت ذي العشرين ربيعاً والذي كان لاعباً في صفوف أياكس أمستردام الهولندي الذي حسم الدوري الممتاز في آخر جولة على حساب غريمه أيندهوفن، وذهب بعيداً في نسخة دوري الأبطال هذا العام ببلغوه دور النصف النهائي وإقصائه لحامل اللقب ريال مدريد ومنعه لليوفنتوس من تحقيق مراده وهدفه المنشود منذ سنوات وهو معانقة كأس ذات الأذنين.
ما من أحد ينكر أن نادي أياكس تألق كثيراً في نسخة الأبطال هذا العام وصار لاعبوه _وبالأخص الشبان منهم_ محط أنظار كشافة أوروبا ومدراء الكرة في الأندية الكبيرة، دي ليخت كان أحد الذين وضع فوقهم المجهر، مع آخرين مثل فرانكي دي يونق الذي خطفه البارسا في شتاء العام الحالي بعد منافسة شرسة مع باريس سان جيرمان، وفان دي بيك الذي في نظري هو الأبرز هذا الموسم قياساً للمجهود الوافر الذي يبذله في أرضية الملعب كل مباراة يدخلها مع فريقه.
دي ليخت وهو أساس هذه المقالة المتواضعة يلعب في قلب الدفاع، وهو يتمتع بطول فارع وبنية جسدية لا بأس بها، لكنه في المقابل يشكو من السمنة وهو خطر جعل من بعض الخبراء يحذر من التعاقد معه، وحتى مع هذه التحذيرات غير الكثيرة والخطيرة يظل في نظري لاعباً لم ينضج بعد، ولم يتم التأكد من مدى موهبته، وقدرته على تطوير مستواه، ذلك أن منظومة أياكس هذا العام تميزت بأسلوبها الأصلي وهو الهجوم والاستحواذ على الكرة وليس بقدرتها على الدفاع، ما جعل لاعبين أكثر تميزاً يبرزون وهم لاعبو وسط الملعب، دي يونق، وفان دي بيك.
المدافع الهولندي الشاب انتقل بقيمة كبيرة قيل إنها لامست سقف 80 مليون يورو، وهو رقم كبير في مدافع، ناهيك عن كون دي ليخت سيذهب محملاً بهذه القيمة الكبيرة التي في اعتقادي ما تزال غير متناسبة مع جودته وقيمته الفنية وستزيد من الضغوطات عليه، وستجعله محط أنظار جماهير يوفنتوس، ومحبي الكالشيو الإيطالي ومتابعي الكرة عموماً، وأيضاً كون النادي الإيطالي مطالب بالألقاب في كل عام خصوصاً دوري الأبطال الذي صار هاجساً يؤرق النادي ما يجعله محتاجاً إلى لاعبين جاهزين وليس إلى مواهب سوف تنضج مع التجربة.
يوفنتوس ليس هو اياكس أمستردام، فكراً وفلسفةً، والدوري الإيطالي ليس هو الدوري الهولندي، لا من حيث القيمة الفنية ولا من التكتيكية ولا من مستوى المنافسة، هذه عوامل تضاف إليها أن دي ليخت المدافع الشاب اختار أن يلعب في إيطاليا بلد الكاتيناتشو، التي تقوم أكاديمياتها منذ الصغر بتشريب اليافعين لأساليب الدفاع قبل الهجوم، وتعلمهم كيف يقفون أمام المرمى بطريقة هندسية متقنة، قبل أن تعلمهم كيف يهاجمون بأسلوب لاذع قوي.
إيطاليا ليست هولندا، ويوفنتوس ليس أياكس، ودي ليخت سيذهب حاملاً الماء كي يبيعه في حارة السقايين.