دول الجوار..مساعٍ لإعادة ليبيا إلى مكانها الرائد
لا وقت لمسارات جديدة وتحذيرات من انفجار المنطقة برمتها
218 | تقرير
عبّر وزير خارجية السودان “الدرديري محمد أحمد” عن تطلعات بلاده لأن يلعب الاتحاد الإفريقي دوراً إيجابياً في إعادة السلام والاستقرار في الجارة ليبيا، عن طريق دعم الجهود الإقليمية الساعية لتحقيق السلام في ليبيا.
وأكد في كلمة ألقاها خلال جلسة لمؤتمر دول الجوار الليبي المنعقد اليوم بالخرطوم أن السودان يسعى إلى خلق أجواء مناسبة تمكن من احتضان حوار يجمع الفرقاء الليبيين ويوصل إلى التهدئة، لافتاً إلى أن رياحاً مواتية بدأت تهب في المنطقة، تحمل بشائر السلام، هي ما دفعت السودان إلى الدعوة لهذا المؤتمر في هذا التوقيت، فضلاً عن ما تُحتّمه أواصر العلاقة بين البلدين من حسن جوار ومصير مشترك.
وأشار “الدرديري” إلى أهمية العمليات الأمنية المشتركة التي انطلقت لتأمين المناطق الحدودية بالتوافق مع الجانب الليبي ودول الجوار، للحدّ من تهديدات المجموعات الإرهابية المسلحة التي جعلت من الجزء الجنوبي من ليبيا ساحة معارك بديلة لها، إلى جانب مكافحة وصد الحركات الأفريقية المسلحة المتمركزة في ليبيا والعابرة لحدودها، معرباً عن أمله في أنْ تُحقق هذه العمليات نتائج إيجابية.
وأوضح أن عودة الاستقرار إلى ليبيا في ظل حرص الإقليم وتضامنه أمر ممكن، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الأمر بيد الليبيين أنفسهم، متطلعاً لأن تكون مخرجات هذا المؤتمر إيجابية بالحد الذي يعيد ليبيا إلى مكانها الرائد بين دول المنطقة والقارة الأفريقية والعالم العربي.
لا وقت لتجربة مسارات غير المسار الأممي
في إطار الدور الإيجابي الذي تلعبه مصر وجامعة الدول العربية في حلحلة الأزمة الليبية يشارك وزير الخارجية المصري سامح شكري، وصلاح الدين الجمالي مبعوث الأمين العام للجامعة إلى ليبيا باجتماع تستضيفه العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم الخميس، لبحث سبل تسوية النزاع في ليبيا بالطرق السياسية، حيث ألقى كلّ منهما كلمته في الاجتماع.
ووفقا لما أفاد به المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ لجريدة الأهرام المصرية، فقد أكد شكري خلال كلمته على أهمية ومحورية آلية دول الجوار الليبي بوصفها محفلاً مناسباً لدعم الليبيين وتبادل الآراء بشأن الحل الأمثل للأزمة الليبية لأن هذه الدول هي الأقرب والأكثر تأثراً وتأثيراً في الأزمة ويهمُها استعادة ليبيا لأمنها واستقرارها.
وأضاف شكري أن اجتماع الخرطوم يُمثل المكان المناسب لتدارس الخطوات المقبلة التي قد تساهم في التوصل لتسوية سياسة شاملة للأزمة، بعيدا عن الخيارات العسكرية، وعبر تحقيق المصالحة بين الليبيين ورفض التدخلات الخارجية وحفظ كيان الدولة الليبية ومؤسساتها الوطنية.
وجدد شكري موقف بلاده بشأن وجوب أن يكون الحل للأزمة الليبية نابعاً من الليبيين أنفسهم بعد أن أثبتت التجارب السابقة عدم إمكانية فرض الحل من الخارج، مؤكداً أن ليبيا ودول جوارها لن تقبل بجعل البلاد فريسة لأطراف خارجية تسعى لتحقيق مصالحها والسيطرة على المقدرات الليبية.
وقدّم وزير الخارجية المصري عرضاً لمسار توحيد المؤسسة العسكرية الليبية المرعي من قبل مصر، مشيراً إلى أن التوحيد المنشود يُمثل دعامة أمنية للعملية السياسية وضمانة لتنفيذ مخرجاتها عبر خلق الظروف الملائمة لإجراء الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وأشار شكري إلى أن توحيد المؤسسة العسكرية يصب في إطار تفرغ الجيش الوطني الليبي للقيام بمهام حفظ أمن ليبيا ومحاربة الإرهاب، مبيناً أن القاهرة استضافت منذ يونيو من العام الماضي 6 جولات للحوار بين العسكريين من مختلف المناطق الليبية ليتم الوصول إلى صيغ تفصيلية بانتظار اعتمادها من القيادة المعنية.
وأعرب الوزير المصري عن ثقته بنجاح مشروع توحيد الجيش الليبي والإسراع في تنفيذه؛ لما يحظى به هذا المشروع من توافق بين الأطراف الليبية بشأنه، ودعم أممي واهتمام، وتأييد من قبل دول جوار ليبيا بوصفه جهدا ليبيا خالصا، ولما سيخرج عنه من نتائج ستنعكس إيجابيا على شعوب ودول المنطقة.
وتطرّق شكري إلى ما عبّر عنه بعدم امتلاك رفاهية الوقت لاختبار مسارات جديدة أو بحث مبادرات بديلة عن مسار الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية؛ لأن ما تمر به ليبيا من عدم استقرار وانتشار للميليشيات المسلحة والسلاح والتهريب، وانتقال المقاتلين الأجانب منها وإليها، أمور لا يمكن التعايش معها أو السكوت عنها.
واختتم وزير الخارجية المصري كلمته بالإشارة إلى الهجمات المتكررة على المنشآت النفطية والمعارك بين المسلحين، مشيراً إلى أن هذه الأمور تنعكس سلبا على الشعب الليبي وشعوب دول جوار ليبيا، وتهدد المنطقة برمتها بالانفجار.
دعوة لتكاثف الجميع وتحذيرات من فراغ أمني
من جانبه أكد الجمالي خلال كلمته بالاجتماع أن الأزمة الليبية مسؤولية جماعية تتطلب العمل والتنسيق المشترك بين جميع الأطراف المعنية بها لتجنب تفاقمها وتعقيدها عبر التدخلات الخارجية فيها.
وحذّر الجمالي من حالة الفراغ الأمني في ليبيا لأنها توفر مناخاً ملائماً لتواجد الجماعات المسلحة والإرهابية والخارجة عن القانون، وانتشار جرائم عابرة للحدود مثل الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، معرباً عن أمنياته في إسهام اجتماع الخرطوم بتعزيز تعاون دول الجوار الليبي لدعم استقرار وأمن شعوب المنطقة.
وشدد الجمالي على وجوب أخذ المجتمع الدولي مطالبات ليبيا برفع حظر توريد السلاح إليها بعين الاعتبار؛ لتمكين الجيش الوطني الليبي من الحصول على الأسلحة والأعتدة والإمكانيات المطلوبة لفرض الأمن والاستقرار في البلاد ومجابهة الظواهر السلبية فيها.
وطالب الجمالي بوضع رؤية شاملة لمكافحة الإرهاب والهجرة غير القانونية في المنطقة كلها، مع أهمية أن يكون الحل لأزمة ليبيا نابعاً من محيطها العربي والإقليمي الإفريقي، مؤكداً أن انشغال الدول الغربية بهذه الأزمة يجب أن يكون من خلال التنسيق مع هذا المحيط وعدم التدخل في الشؤون الليبية.