داعش ليبيا، موعدها الفجر
محمد حديد
في شهر يوليو 2014 كان فجر يومه الثالث عشر نقطة أخرى في تحول ليبيا نحو الحروب الأكثر دموية بعد ثورة فبراير، فقد بدأت تشكيلات مسلحة تقودها قيادات محسوبة على التيار الإسلامي بعملية مسلحة واسعة شملت مطار طرابلس العالمي أطلقت عليها اسم “فجر ليبيا”.
كانت تلك فترة عصيبة على سكان طرابلس وعلى ليبيا ككل، أصوات مدفعية تدك المكان، أرتال تتوالى كل ساعة، جرحى وأسرى، وتوابيت تحمل على الأكتاف صباح مساء، ناهيك عن التخوين والتجريح والجهوية وإقصاء كل من يعارض هذه المهمة التي جعلت التشظي والتفرق الذي كانت نواته تنمو في وحل غرغور والقرار رقم 7 الذي كانت ضحيته مدينة بني وليد في ازدياد دون أن يكون هناك عقل يُنصت إليه.
وقتها كانت العواطف تجتاح العقول ربما وليس القلوب، ولم يكن التفكير سوى في النصر وبسط القوة باسم الثوة ودحر الأزلام، كلها كانت دغدغات أساسها الخطابات التي تحمل الطابع الديني والقتال باسم الدين حتى وصل الأمر إلى أن هناك من اشتم رائحة الجنة في منطقة الوطية التي انتهى بها مطاف المعارك بعد فجر ليبيا في ذاك العام ..
الآن بدأت تتضح الصورة أكثر لدى الكثيرين الذين كانت نشوة الحرب من أجل أن تستمر الثورة تجتاح مشاعرهم وقلوبهم وعقولهم، فلم تكن هذه الحرب سوى كمين مهَد لظهور تنظيم داعش الذي أسس دولته التي كان يزعم وابتدأها بسرت التي تطول الحكاية عنها.
المستحضر لهذا التاريخ الذي مر بسوداه على الجميع يجد الكثير من الوهم الذي وقع فيه المحاربون خاصة الشباب منهم والذين تُركوا على قارعة المستقبل لا يعرفون مصيرهم.
تلك الفترة كانت داعش تجتمع وتخطط لبناء دولتها ودخلت من باب فجر ليبيا الواسع وهنا أدعم كلامي بتوضيح جماعة من الشباب الذي تركوا معركة الوطية وإجابتهم لسؤالي لهم عن سبب تركهم بأن تشكيلا مسلحا يرفع العلم الأسود وينادي بدولة الخلافة الاسلامية قد دخل المعركة معهم واتضحت لهم النوايا من هذه الحرب.
ومع دخول داعش على الخط وإصداراته الدعائية التي بدأ إنتاجها في ليبيا ومبايعة عدة تشكيلات متطرفة للبغدادي إلا أن حالة من الإنكار وردود الأفعال الرسمية وغير الرسمية بدأت تناقض وتنفي وجود داعش المؤكد فتارة وصفوا بأنهم أزلام وتارة كرامة وأخرى بأن المشاهد التي صورت ليست في ليبيا وأن ليبيا محال أن تكون فيها داعش فهذا التنظيم مقتصر في وجوده فقط بين العراق والشام نسبة إلى المصطلح الذي خرج به. ولكن داعش أكد وجوده بتفجيراته وخطفه وذبحه.
اليوم مرت سنوات على فجر ليبيا وبقيت ذكرى سوداء وانتهت الحرب على داعش في سرت وبنغازي وعاد في أماكن أخرى مهددا من جديد وفعلها في مجمع محاكم مصراتة وظهرت ارتباطاته بتشيكلات وأشخاص بعينهم غير أنه لا تزال هناك حالة من الإنكار تسود البعض القليل ربما بعد أن بانت الرؤية لدى الكثيرين واتضحت .. ولكن أوجب الواجبات الآن يقتضي على الجميع ممن أدركوا الحيلة التي وقف وراءها صناع الحروب بأن لا يفتحوا الباب من جديد لأيديولوجيا أخرى ربما يخطط لها الآن في الخفاء في مكان خارج البلاد قد تأتي في معظم الأحيان كمبادرة للمصالحة.