خمسة أفلام ناقشت قضايا المرأة.. وغيرت القوانين
خلود الفلاح
لا يمكن لأحد أن يُنكر الدور المهم الذي تلعبه الفنون والآداب في تشكيل وعي المتلقي، ومحاولة تسليط الضوء على القضايا المسكوت عنها في المجتمع بغرض نشر التوعية والدفع في اتجاه التغيير الإيجابي.
ولعلّ من بين تلك القضايا التي ساهمت السينما في الكشف عنها قضايا العنف بكل أشكاله ضد النساء، وزواج القاصرات، والحق في التعليم والمشاركة المجتمعية. ويُمثل فيلم “سافرجت” البريطاني الذي سنتحدث عنه لاحقاً صرخة قوية من أجل منح النساء الحق في التصويت، وأيضاً الفيلم العربي “أريد حلاً” الذي أُنتج العام 1975، دافعاً قوياً لتغيير قانون الأحوال الشخصية في مصر.
سافرجت (suffragette)
الفيلم يروي معاناة النساء من الناحية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، مع الأزواج وأرباب العمل والأعراف الاجتماعية. من خلال الشخصية المحورية مود واتس.
الفيلم الذي تم إنتاجه العام 2015، تبدأ أولى أحداثه في مصنع أشبه بمغسلة كبيرة تعمل فيه أعداد كبيرة من النساء يتعرضن للإذلال والشتائم والتحرش من رب العمل، بسبب قانون العمل المجحف بحقهن.
“سافرجت” من إخراج سارة غافرون وسيناريو آبي مورغان، مبني على أحداث حقيقية، من خلال الحركة النسوية البريطانية “سافرجت”، التي برزت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، للمطالبة بحق النساء في التصويت.
بعد عدة أحداث ووقائع وحرمان مود واتس من ابنها وطلاقها بسبب انضمامها للحركة رفضاً للظلم والتحرش الجنسي الذي تعرضت له منذ كانت في عمر السبع سنوات، وعندما أصبح عمرها اثني عشر عاماً بدأت العمل بالمغسلة بدوام كامل، ولم تتخيل يوماً أن يكون لها صوت يعلو فوق صوت الزوج ورب العمل والمطالبة بحقوقها.
تدخل مود واتس السجن بعد اتهامها بتفجير منزل أحد المسؤولين، ورغم عدم إثبات صلتها بالحادثة إلا أنها تعرضت هي وزميلتها في الحركة للتعذيب والإذلال للتراجع عن مطالبهن.
وينتهي الفيلم بتحقق المطالب مع سقوط أول ضحية للحركة، ويظهر على الشاشة ذكر تواريخ منح التصويت للنساء، بدءاً من نيوزيلندا التي منحت المرأة حق التصويت عام 1893، مروراً ببريطانيا التي منحت النساء حقاً مشروطاً للتصويت بعمر الثلاثين في العام 1918، ثم تحول إلى الحادي والعشرين في العام 1928.
بين بحرين
فيلم روائي تم إنتاجه العام 2019، بالشراكة بين المجلس القومي للمرأة المصرية، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، والعمل من تأليف الكاتبة مريم نعوم، وإخراج أنس طلبة، وسيناريو وحوار أماني التونسي.
تدور أحداث الفيلم حول زيارة قصيرة تقوم بها زهرة لبلدتها جزيرة الذهب بين المعادي والجيزة، وفي تلك الزيارة تتعرض ابنتها شهد لحادث مأساوي وهو “الختان” وبسبب تعرضها لنزيف حاد تغادر الحياة، يحدث ذلك في وجود قانون يعاقب على جريمة ختان الإناث، يتطرق الفيلم إلى قضية الحرمان من التعليم والعنف الأسري الذي تتعرض له سمية من زوجها، وسعي زوج زهرة ووالدتها إلى تزويج ابنتها القاصر، ولكنها تتصدى لذلك وترفضه. وتمثل هذه القضايا المسكوت عنها في المجتمعات الريفية المهمشة المحور الرئيسي للفيلم. أيضاً هذا ما أكد عليه صناع الفيلم طوال عرضه في دور السينما والمهرجانات الدولية بأن الهدف توعوي. ذلك أن غياب التعليم بشكل شبه كامل لفئة النساء في الأرياف هو السبب فيما يحدث.
الفيلم الذي تبلغ مدته 88 دقيقة، دعوة صريحة إلى تغيير السلوكيات والعادات الخاطئة.
بنتين من مصر
يناقش الفيلم قصة فتاتين في سن الثلاثين، تواجهان مشكلة تأخر الزواج، في إطار المجتمع الذي يعاني من الكبت والقهر السياسي وانتشار المشاكل الاجتماعية والمادية. وشارك في بطولته كلٌ من الفنانة زينة، صبا مبارك، أحمد وفيق، ومن تأليف وإخراج محمد أمين.
“زينة” موظفة مثالية، و”صبا” تؤدي دور طبيبة تسعى للحصول على الماجستير. طوال الفيلم نرى “زينة” تشتري قمصان النوم وتكتب التاريخ على كل قميص في انتظار العريس الذي يتأخر حضوره، تتراكم القمصان داخل الدولاب، وبالتالي يتأخر حلم الأمومة.
لذلك لا مناص من الذهاب إلى مكتب للزواج، وتقديم مواصفات للعريس المطلوب، وكلما تأخر الاتصال من المكتب تذهب مرة أخرى وتقدم تنازلات في المواصفات المطلوبة. وفي ذات الوقت تقتنع “صبا” أن تحذو نفس الاتجاه وتذهب إلى مكتب الزواج.
ويأتي العريس وتوافق “صبا” على أن تعيش معه في تلك المنطقة النائية التي استزرعها بعد أن حصل على قرض من الدولة، لكن يجد نفسه أمام حكم محكمة إما الدفع أو الحبس، فلا يجد أمامه غير الهرب إلى خارج حدود الوطن. ومع صوت أزيز طائرة في الجو ينتهي الفيلم.
نورة تحلم
فيلم روائي طويل تونسي من إنتاج 2019، بطولة هند صبري، لطفي العبدلي، وحكيم بو مسعودي. وإخراج التونسية هند بوجمعة. يتناول الفيلم العنف الجسدي واللفظي.
“نورة” امرأة عاملة، وأم لثلاثة أطفال، تعمل عاملة نظافة في مستشفى بعد سجن زوجها “جمال” في قضايا سرقة وقتل ونصب، وفي ذات الوقت تقاتل من أجل الحق في حياة ميسورة لها ولأطفالها، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها الطبقة الكادحة في تونس ومعاناتها اليومية.
وفي وسط المشاكل وصراعات الحياة تحلم نورة أن تعيش مع حبيبها “الأسعد” الذي تعرفت عليه فترة سجن الزوج. وتسعى للطلاق عن طريق المحكمة. وفي يوم من الأيام وبينما تنتظر “الأسعد” تتفاجأ بخروج “جمال” من السجن بعفو رئاسي. وهنا ينقلب مسار الأحداث وتزداد حدة العنف ضد نورة من “جمال” الذي يتهمها بالخيانة. وهنا عليها أن تختار بين الزوج الذي يعدها بتغيير سلوكه، وبين أولادها، وبين رجل تحلم بحياة جديدة معه. في النهاية، هل نورة هي ضحية مجتمعها؟
نور
فيلم روائي، للمخرج خليل زعرور، تم إنتاجه العام 2017. سيناريو أليسا أيوب. ويتناول الفيلم قصة نور الفتاة البالغة من العمر خمسة عشر عاماً، من عائلة ريفية بسيطة، تجبرها على الارتباط برجل ثلاثيني ثري، انطلاقاً من فكرة أن تعيش نور حياة سعيدة بوجود المال.
وتصبح الطفلة بمرور الوقت امرأة معنفة. عليها الامتثال لطاعة الزوج والقيام بالأعمال المنزلية الصعبة.
الفيلم يطرح فكرة زواج القاصرات، وكيف أن هذه الجريمة تلقي بآثارها السلبية على المجتمع ككل.
وبحسب المخرج كان الهدف من إنجاز العمل هو الدفع لإقرار قانون لحماية القاصرات من الزواج، والمطالبة بإيجاد قانون يحدد سن الزواج بالثمانية عشر عاماً.