خطر داعش يخيّم على سرت معقلها السابق في ليبيا
بعد قرابة العام من طرد تنظيم داعش من معقله مدينة سرت يشعر السكان الذين يتفقدون منازلهم المدمرة بالإهمال والضعف إذ لا يزالون يخشون خطر الإرهابيين الذي تضاءل لكن لم ينته نهائيا.
وبرغم تحسن الوضع الأمني في المدينة المطلة على البحر المتوسط لا يزال السكان قلقين من الإرهابيين المختبئين في الصحراء إلى الجنوب منها والذين كثفوا أنشطتهم في الشهور القليلة الماضية حيث أقاموا نقاط تفتيش وينفذون هجمات بين الحين والآخر.
وسرت على وجه الخصوص عرضة للمخاطر في بلد يشتعل فيه القتال بشكل متكرر بين الفصائل المتناحرة. فالمدينة تقع في وسط الشريط الساحلي الليبي على الخط الفاصل بين تحالفات فضفاضة تدعم حكومتين متنافستين في طرابلس وفي شرق البلاد.
وقال علي مفتاح وهو موظف عمومي لديه خمسة أبناء “لو استمر الوضع على ما هو عليه فسوف يعود داعش بلا شك. كان هناك سبب لمجيئهم. كان الناس غاضبين ويشعرون بالتهميش”.
وأضاف “حاليا لا نحصل على أي دعم من الحكومة. انظر إلى هذا الدمار. لقد خسرنا كل شيء”.
وفي الشهر الماضي شن تنظيم داعش هجوما انتحاريا في مصراتة المدينة الساحلية التي تبعد قرابة 230 كيلومترا إلى الشمال الغربي والتي قادت حملة العام الماضي لطرد المتشددين من سرت.
ويقول مسؤولون أمنيون إنه توجد أيضا خلايا نائمة تابعة للتنظيم في مدن أخرى على طول ساحل غرب ليبيا وهناك مخاوف من أن يستغل المقاتلون الأجانب، الذين يبحثون عن ملاذ بعد الهزائم في سوريا والعراق، الفراغ الأمني مجددا ويتصلوا بمتشددين مرتبطين بتنظيم القاعدة في الصحراء إلى الجنوب.
وتزيد مخاوف السكان بسبب الانقسامات بين الفصائل الليبية المسلحة الكثيرة والغموض بشأن إلى متى ستظل قوات مصراتة التي طردت تنظيم داعش موجودة في سرت.
ضربات جوية
وتعود الحياة ببطء إلى طبيعتها في أجزاء من المدينة برغم أن شعارات تنظيم داعش السوداء لا تزال موجودة على بعض المتاجر ورغم أن السكان يعانون نقص السيولة وتدهور الخدمات العامة مثلما هو الحال في مناطق أخرى من ليبيا.
لكن في المناطق التي شهدت أشد المعارك، لا ترى الأسر أملا يذكر في إعادة بناء بيوتهم.
وتلقت سرت، مسقط رأس معمر القذافي، قرابة 500 ضربة جوية أمريكية في الفترة بين أغسطس آب وديسمبر كانون الأول من العام الماضي.
وفي حي المنار وحي الجيزة البحرية، اللذين كانا في السابق من أفضل أحياء سرت، تحولت المنازل المطلة على مياه البحر المتوسط الزرقاء إلى أكوام من المعادن والخرسانة.
وتقف مدرسة ابتدائية متضررة، قيل إن القذافي كان يرتادها، مهجورة الآن.
ويقول سكان إن هياكل عظمية وجدت بين الركام استخرجت لإجراء اختبارات لمعرفة إن كانت تخص مقاتلين من داعش أم أسراهم. ويخشى السكان البحث وسط أنقاض بيوتهم المدمرة بسبب الذخائر غير المنفجرة.
وتدير قوات محلية نقاط تفتيش على مشارف سرت وتسير دورات إلى الجنوب. لكنها تقول إنها تفتقر إلى المركبات والسلاح اللازم لملاحقة المتشددين الذين انسحبوا إلى معسكرات متنقلة بالصحراء.
وتعتمد بدلا من ذلك على الضربات الجوية الأمريكية التي قتلت العشرات ممن يشتبه بكونهم متشددين هذا العام.
وقال طاهر حديد المسؤول بالقوات التي تؤمن سرت إن القوات تحتوي التهديد لكن لا يمكنها ملاحقة المتشددين في معسكراتهم لأنها لا تملك العتاد الملائم مثل العربات الرباعية الدفع اللازمة للتحرك في الصحراء.
وأضاف أن من غير الممكن أن يسيطر التنظيم مجددا على المدينة لكن هناك مخاطر من التعرض لهجمات.
غياب الدعم
القوات التي قادت الحملة ضد تنظيم داعش في سرت العام الماضي موالية لحكوكة الوفاق.
وفيما بعد ذلك، تسيطر قوات موالية للجيش الوطني على مرافئ نفطية انتزعت السيطرة عليها أثناء الحملة. لكن محمد الغصري المتحدث العسكري من مصراتة قال إن الجانبين لا ينسقان فيما بينهما حاليا.
ويقول سكان ومسؤولون في سرت إنه لا يمكن التصدي للتهديد دون دعم ملائم من الدولة وقوات أمن محترفة.
وقال المسؤول المحلي صديق إسماعيل إنهم يعانون نقصا في الخدمات ولا توجد أي جهود أو نتائج حقيقية على الأرض على أي مستوى.
وتشير تقديرات إلى أن هناك حاجة لبناء ما بين 2500 و3000 منزل حتى يتسنى للأسر التي اضطرت للانتقال للعيش بأجزاء أخرى من سرت أو مصراتة العودة.
وقال الموظف الجامعي حمزة علي (34 عاما) بينما كان يقف إلى جوار منزل شقيقه المدمر “لن ينتهي هذا أبدا إذا لم تكن هناك حكومة”.
وأضاف “سيتوقف ربما لشهرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة.. ثم ستسمع عن انفجار في مكان ما إذا لم يكن هناك أمن رسمي .. الشرطة”.
عن: (رويترز)