خطبة نيويورك.. وصمة عار سياسية
218TV| خاص
قبل عام وخمسة أشهر من انتفاضة فبراير التي دفعت الليبيين إلى “تقرير المصير” بعيدا عن أربعة عقود ذاقوا فيها ويلات ومآس في ظل حكم قاسٍ وديكتاتوري كان العقيد معمر القذافي يعتلي منبر الأمم المتحدة على هامش الاجتماع السنوي التقليدي في مدينة نيويورك مُطْلِقا من هناك “وصمة عار سياسية” على شكل خطبة سياسية طويلة ومملة، دفعت الحضور إلى التثاؤب والنوم، وهو ما استرعى هجوما من القذافي الذي طيّر إلى أسماعهم نصائح لافتة عن ضرورة النشاط والجد والاجتهاد.
في أثناء الخطبة وبعدها كان العالم ينفض يديه من نظام القذافي، ووسط قناعة كانت تتزايد في عواصم صناعة القرار العالمي من أن القذافي يقود نظاما لا يمكن أن يكون ب”آلياته وأدواته” جزءا من المجتمع الدولي، مثلما لا يمكن أن إقامة مقاربة سياسية معه، فالرجل يعاني –بحسب تقييمات دولية- من “هلوسات تاريخية” تهيئ له بأنه الزعيم الأممي الذي يستحق قيادة العالم، وأن الشعوب تهتف له للقبول ب”المهمة القدرية”.
وفي اللحظة التي كان فيها العالم يعتقد أن مرحلة طي صفحة نظام القذافي قد حان موعدها، جرى اتحاد زمني بين عوامل كثيرة أهمها نظرة الليبيين أنفسهم بأنهم باتوا يستحقون نظاما سياسيا أفضل يقودهم ويُمثلهم، أضف إلى ذلك اشتعال موجة الربيع العربي بدءاً من منتصف ديسمبر 2010 التي طالت أولا “الجار التونسي”، وهي عوامل متحدة أمّنت “ولادة طبيعية” لثورة فبراير.
تشير انطباعات ليبية وعربية إلى أن “الخطاب التعبان” الذي ألقاه القذافي معتليا منصة سياسية دولية كان يفترض أن يلقي خطابا سياسيا تصالحيا يلاقي به الدول الديمقراطية المحترمة، أو على الأقل أن يفتح الباب أمام إصلاحات سياسية واقتصادية في بلاده وتحت إشرافه لاكتساب ثقة العالم، والعودة بليبيا والليبيين إلى الحظيرة الدولية بعيدا عن أحلام وأوهام زعامة العالم، لكن ثمة من يقول إن ثورة فبراير كانت حتمية، “وأن رُبّ خطبة نافعة”.