خريف هون 2019 يستعد
عبد الوهاب قرينقو
بعد ثلاثة أيام من الراحة أعقبت رحلة شاقة من بنغازي إلى هون قادمين من عمان قررت الخروج من البيت سيرا على الأقدام لأتعرف على ما آلت إليه شوارع المدينة الرابضة في وسط صحارى البلاد الكسيرة، إلا أن ثمة بارقة أمل ترتسم كل عام لتعلن مهرجانا للفرح والاحتفاء بالموروث وترسيخ هويتنا الليبية الأصيلة التي تجمع الليبيين في قلب واحد لا مكان فيه إلا للمودة والإخاء، وهذه فلسفة إقامة مهرجان الخريف في نسخه الأخيرة التي واكبت حراك الوطن، ولم تتأثر بكل الخلافات التي سادت البلاد على مدار سنوات ثمان.
مهرجان الخريف السياحي الثقافي الدولي بمدينة هون انطلق في 1996 ولم يتوقف إلا سنة 2011 ووصل اليوم إلى دورته الثالثة والعشرين، عماده العمل التطوعي بسواعد رجال ونساء المدينة وشبابها وحتى أطفالها.
وصلت مساء إلى أول مواقع التجهيز للدورة متحف المدينة المبنى التاريخي المعروف في زمن الاحتلال الإيطالي باسم الكوماندا، ووجدت الاستعدادات على قدم وساق حيث سيظهر المتحف هذا العام بصورة مغايرة ليضم أغلب معارض المهرجان، من معارض المقتنيات الشعبية والفنون التشكيلية، ومعرض الأنتيكة للمستعملات الحياتية القديمة في حقب السبعينيات والستينيات وحتى الخمسينيات وغير ذلك من معارض ستكون من جديد الخريف.. هناك كان مدير الدورة الثالثة والعشرين بلباس العمل يشارك لا يشرف وحسب وكذلك مدير المعارض ورجال لجنة التجهيز وشبابها.
وكانت زيارة ثانية غير بعيدة عن الكوماندا حيث إدارة المهرجان واللجنة الإعلامية و تزامن الوصول مع زيارة لآمر المنطقة العسكرية الوسطى اللواء كمال الجبالي الذي وصل لتقديم دعم المؤسسة العسكرية النظامية للمهرجان وأثنى المسؤولون في إدارة الخريف على هذا الدعم والاهتمام في صورة مثلى لوقوف القيادة العامة مع النشاطات المجتمعية التراثية والثقافية فكانت زيارة أخرى للمتحف ثم اتجهنا جميعا إلى المدينة القديمة للوقوف على استعدادات ما صار يعرف منذ سنوات بشارع النخلة شارع الفنانين التشكيليين الذين يزينون شوارع المدينة القديمة بإبداعات فريدة من نوعها بلوحات فنية راقية تستغل كل أجزاء النخلة من جريد وكرانيف وأشواك وليف وتحويلها إلى مجسمات في غاية الجمال.
ومن مواقع الاستعداد زيارة المزرعة التي ستحتضن حفل الافتتاح المتاخمة لحي الخمسمية في وسط المدينة وكذلك مزرعة قصية في ضاحية القصير التي ستشهد تجسيد الحياة اليومية للمزارع والحياة العامة القديمة .. أيضا زيارة مدرسة في وسط المدينة سيقام في صالتها معرض في غاية الأهمية للزي الهوني التقليدي ونماذج من الأزياء الليبية التقليدية .. أما من داخل استوديوهات راديو الجفرة بمدينة هون فتتواصل بروفات وتسجيل مغناة افتتاح المهرجان كما عودنا فنانو وكتاب فرقة هون للموسيقى بإبداع مغناة جديدة في كل دورة .
دورة مهرجان الخريف هذا العام ضمنيا هي دورة فيها الكثير من التحدي أن الحياة تستمر رغم الخلافات والصراع فلا يمكن للحياة أن تتوقف وكل ما يحدث بين ورد وبارود هو حراك ومخاض لولادة ليبيا جديدة آمنة تنهض من جديد نحو دولة مؤسسات مزدهرة يسودها العدل والرفاه وتفتح آفاقا رحبة للثقافة الوطنية وتكرس المهرجانات السياحية والثقافية التي تبرز ليبيا التي نتمنى ونحب.