خبير أميركي: أميركا دعمت الوفاق… ولم تعارض تحرّك الجيش
تحدث الدكتور ديفيد بُولوك DAVID POLLOCK، مُستشار شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكبير الباحثين بمعهد واشنطن للأبحاث في تصريحات خاصة لـ218NEWS عن رؤيته للتطوّرات العسكرية الأخيرة في ليبيا والمواجهات الدائرة بين قوات الجيش الوطني وقوات حكومة الوفاق في ضواحي العاصمة.
وقال ديفيد إنه في حال سيطر القائد العام للجيش الوطني المُشير خليفة حفتر على ليبيا بشكل كامل فإنّ المجتمع الدولي سيقبل بذلك رغم تأييده السابق لحكومة الوفاق، لافتاً إلى العلاقات الشخصية الجيدة بين حفتر والمسؤولين في مصر والإمارات والسعودية وهذا سر نجاحه، خلافا للسراج، كما أشار إلى أن اللقاء العلني بين حفتر والملك سلمان مهمّ جدا ويعبر عن التأييد المطلق.
ويرى الباحث أن التحليل الموضوعي يثبت أن حكومة الوفاق فشلت اقتصاديا وأمنيا ودبلوماسيا في توحيد الليبيين في الداخل والحصول على دعم الخارج، وبعد فشل كل المحاولات لحل الصراع بالطرق السلمية، هناك فرصة جيّدة لسيطرة قوات حفتر على ليبيا بشكل أكثر فعالية، كون نجاح شخص واحد في إقامة استقرار في ليبيا يُعتبر أفضل من حرب أهلية إلى الأبد، وفقاً لرؤية بُولوك الذي دعمها برؤية الغرب التي تتمثل في أن الاستقرار والسلام أفضل من الصراع المستمر على المبادئ.
وحول بيانات الدعم والتنديد الدولي التي لم تهدأ منذ اندلاع اشتباكات طرابلس مطلع أبريل الجاري، أكد كبير الباحثين بمعهد واشنطن، أنّ المجتمع الدولي ليست لديه أي رغبة أو استعداد لأخذ خطوات فاعلة حول ليبيا، وأن موقفه بدعم حكومة طرابلس علني فقط وليس له أي تأثير، مُشيراً إلى أن عدم الرغبة في تدخل عسكري في ليبيا يجعل من التأثير الأميركي والأوروبي ضعيفا جدا على الوضع النهائي في البلاد، ويُضعف تأثير المجتمع الدولي ميدانياً بالنسبة لما يحصل في ليبيا.
وعن الحلول المطروحة لإنهاء أزمة البلاد بعيداً عن الحل العسكري، قال الدكتور ديفيد، “نحن في انتظار نتيجة المواجهة العسكرية، ولكن بسبب المقاومة الشديدة لقوات حفتر في طرابلس تبقى هناك إمكانية ضعيفة لإجراء حوار ما لإنقاذ العاصمة من التدمير”، لافتاً إلى أن الحل الوسط سيكون لصالح المُشير حفتر وهو أفضل من استمرار الحرب التي وصفها بـ”الأهلية”، على اعتبار أن الفوز بنسبة 70% أفضل من الفوز بنسبة 100% بخسائر كبرى، لكنّه توقّع أن حرب طرابلس ستستمر لأسابيع وأشهر وستُسفر عن سقوط المزيد من الضحايا المدنيين.
وكشف كبير الباحثين عن وجود إشاعات في واشنطن تقول إن الأميركيين سمحوا لحفتر بالتحرك نحو العاصمة، مُضيفاً أن أميركا والأمم المتحدة ودول أخرى يدعمون الحل الدبلوماسي في ليبيا بالبيانات والتصريحات فقط، وخصّ بالذكر الموقف الأميركي الذي دعم الوفاق لكنه لم يُعارض تحرّك الجيش الوطني نحو العاصمة، وأنه في أميركا والغرب هناك تأييد علني لمبادئ الديموقراطية والانتخابات ولكن في الواقع هناك قبول للوضع في الميدان، فضلاً عن أن الولايات المُتحدة الأميركية ترى أنّ الإدراك الواقعي لما يحدث على الأرض أفضل من المبادئ المجردة وغير الواقعية.
كما أشار بُولوك إلى أن أغلب الدول قررت دعم القائد العام للجيش الوطني كموقف مضاد للإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة الداعمة لهم، خاصة أن تجربة الإخوان المسلمين فاشلة لأن نظريتهم متطرفة غير واقعية وأثبتت فشلها، مُؤكداً مُعارضته للنموذج الإسلامي التركي الذي يقوده أردوغان، ورأى أنه بعد التجربة الحزينة لسيطرة الإخوان على السلطة فيجب أن يُترك الخيار للناس إذا أرادوا انتخابهم.
ورأى ديفيد أنه من غير المُمكن مقارنة وضع ليبيا مع مصر، لأن الجيش المصري موحّد والشعب المصري موحد نسبيا، كما أنه لا يتفق مع نظرية المؤامرة بوجود دور أميركي لسيطرة الإخوان على السلطة في مصر.
وقال إنه من الصعب إقامة ديموقراطية في الدول العربية ولكن ذلك ممكن إذا تمت بالتدرج، مُشيراً إلى أن نموذج تونس هو الوحيد الناجح بعد الربيع العربي، فيما عاد الشعب السوري بالقبول إلى حدّ ما بنظام بشار الأسد، بعد معاناة طويلة.