خبزة الفرن “التنّور”.. من “طعام” إلى “مصدر للرّزق”
218TV.net خاص
أحلام المهدي
لطالما كان هذا النوع من الخبز مرتبطا في ليبيا ببساطة الحياة وصعوبتها في آن، هي مكونات بسيطة أهمها الماء ودقيق الشعير، قد تجعله متاحا للجميع، لكن فوهة اللهب التي تولج فيها المرأة يدها حتى المرفق تقريبا، هي “التّحدي الحقيقي”، حتى أن هناك من صارت تتفنّن في حجم الرغيف ودِقّة استدارته، حتى يُخَيّل إليك أنها ترسم قُطرَه بـ”فرجار خفيّ”، لتحافظ على الحجم ذاته لجميع أرغفتها، وتتحكم ببراعةٍ في قوة اشتعال الجمرات، ليحصل كل رغيف على لونه البني الطازج، تماما كباقي إخوته.
ينتشر “خبز التنّور” في معظم المناطق الليبية، مع بعض الاختلافات البسيطة في حجم “الفرن”، وفي المادة التي يُصنَع منها، وفي ارتفاعه وسعته أيضا، ويؤكل كغيره من أنواع الخبز الأخرى، لكن بعض طقوس الأكل لا تُمارَس إلا مع هذا الخبز دون غيره، فهو لذيذٌ بأبسط الطرق وأقلها كلفة، فغمسه ساخنا في بضع قطرات من زيت الزيتون يمنحه طعما أسطوريا، وهو لا يقاوم حتى مع كوبٍ من الشاي الساخن، ويا حبذا لو علت الكوب طبقة من الرغوة الناعمة.
هكذا كانت “خبزة الفرن”، تُؤكل وتُهدَى للجيران والأقارب، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة التي ألقت بظلالها على كل البلاد، حولتها إلى مصدر رزق رئيسي لبعض العائلات الليبية، فلجأت إليها الأمهات للتخفيف من الأزمات المتعاقبة للخبز والدّقيق في بيوتهن، وقامت أخريات بصنعها لغرض بيعها لبعض المحال التجارية، أو حتى للعائلات القريبة والجيران، وذلك في تحايل بصيغة المؤنث، على أزمة السيولة النقدية التي تأبى هي الأخرى أن ترحل عن سماء الليبيين.