خبراء أمميون: إذلال جنسي وعبودية.. و”انتهاكات رسمية” في ليبيا
218 |خاص
لا يتردد تقرير لجنة الخبراء الأممية الذي نُشِر، ورُفِع مضمونه النهائي إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي باعتبار جماعات مسلحة في ليبيا بأنها تتحمّل “المسؤولية الأكبر” عن “عرقلة وتعطيل العملية السياسية في ليبيا، عدا عن أنها مسؤولة عن ارتكاب “المخالفات الجسيمة” الواقعة على “القانون المُنْتَهَك”، وحقوق الإنسان التي وقع عليها “انتهاكات فظيعة”، وفقا للتقرير الذي قدّم “أدلة تفصيلية مهمة” على وقوع الانتهاكات، سواء تلك التي لها صلة بمستويات عسكرية في الجيش الوطني، أو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.
وفقا للتقرير الذي يُوصِي في نهايته بعمل أعضاء مجلس الأمن الدولي على كل ما من شأنه وقف هذه الانتهاكات، فإن مستويات تعتبر رسمية في الداخل الليبي قد أدارت مراكز احتجاز غير قانونية، ونُفّذت فيها حالات إعدام غير قانونية لرجال يرتدون زياً مدنياً، عدا عن حالات وفاة غامضة، في ظل تحقيقات موجزة، وهو أمر مخالف لأبسط قواعد القانون الدولي، فيما يرصد التقارير العثور على جثث لمدنيين في أكثر من مكان في ليبيا، وسط اعتقاد أنها عمليات تصفية جسدية للضحايا.
التقرير يرصد أيضا حالات جنائية محددة لمجموعات مسلحة سمّاها بالإسم، ومنها جماعة “أولياء الدم-بوهديمة” التي تدير مركز احتجاز غير قانوني في بوهديمة، فيما تُدار الجماعة من معمر البيها، وعادل مخدة، الذين أظهرت تحريات ارتباطها بالضابط محمود الورفلي الذي سبق أن أُوقِف عن العمل، وطلبته المحكمة الجنائية الدولية، فيما يُنْسب للمجموعة أنها احتجزت محموعة من الأشخاص في ظل ظروف احتجاز مهينة، ومارست التعذيب عليهم لأوقات طويلة.
وعلى صعيد انتهاكات الجماعات أيضا، فقد سمى التقرير حالة “الكتيبة 152” من الجيش الوطني، التي يُنْسب إليها أنها اختطفت 60 شخصا في منطقة الهلال النفطي بعد سيطرتها على المنطقة في سبتمبر 2016، فيما اختفى عديدون “اختفاءً قسرياً”، وبدون توفر أي معلومات عنها، علما أن التقرير يرصد للكتيبة ذاتها أنها تورطت في حالتي تعذيب، وحالة وفاة واحدة جراء التعذيب في مركز احتجاز غير قانوني، تعود تبعيته للكتيبة، إذ يكشف التقرير أن الكتيبة رفضت طلبا رسميا من فريق الخبراء لزيارة مقر الاحتجاز.
ويُورِد التقرير أيضا نموذج “قوة الردع” في طرابلس في تفصيلها للجماعات التي مارست انتهاكات ذُكِرت في شهادات شهود تعرضوا للتعذيب في مقرات وسجون تابعة للقوة التي التقاها فريق الخبراء في طرابلس، قبل أن تنفي قوة الردع كل الاتهامات وشهادات الشهود، لكن التقرير يكشف بأن امكانية وصول الفريق إلى بعض المحتجزين قد تحسنت، فيما أمكن الاطلاع على سجلات المساجين في سجن معيتيقة، وأن مسؤولين في القوة قد أكدوا للفريق أن مسؤوليتهم هي تأمين محيط السجن، خلافا لمنشورا رصدها التقرير وتتحدث عن مشاركة قوة الردع في التحقيق مع متهمين بقضايا عدة، لكن التقرير ينسب إلى قوة الردع القول إن أي توقيفات وتحقيقات تتم بعلم النائب العام في طرابلس.
في التقرير أيضا يأتي ذِكْر “لجنة مكافحة الجريمة في مصراتة” إذ يُشار إلى رصد حالة وفاة واحدة على الأقل جراء التعذيب في سجن الكراريم في مصراتة، التي تديرها اللجنة هناك، متحدثا التقرير عما أسماها “ميول سلفية” في ظل شهادات تقول إن معتقلين تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي وسط طروف احتجاز مزرية.
في الانتهاكات للإنسانية أيضا يبرز محور درنة الذي أفرد له التقرير الدولي بنداً مفصلاً في إشارة إلى العملية التي نفّذها الجيش الوطني هناك قبل أشهر، وسط ما نُقِل لفريق الخبراء بأن إبعاداً قسرياً جرى للسكان، وعمليات إعدام بعد محاكمات موجزة، لكن التقرير يرصد أيضا أمرا صادرا عن القائد العام يطلب فيه من القائد العسكري للعملية تأمين ممر آمن من المدينة، علما أن التقرير استخدم “لفظة مزاعم”، وهو ما يعني أنه لم يتمكن من توثيق ما يقول إنها انتهاكات في هذا الإطار.
في موضوع الاتجار بالبشر يقول التقرير الأممي إن الاتجار بالبشر والتهريب يعتبر رافدا ماليا قويا وأساسيا لمجموعات مسلحة، وأن العديد من هذه المجموعات تتواطأ مع مُهربين وقادة عصابات، متحدثا التقرير عن نحو عشرين ألف مهاجر غير قانوني تقطّعت بهم السبل في عرض البحر، أو أُوقِفوا في ليبيا وجرى سجنهم في مراكز احتجاز غير قانونية، لافتا التقرير إلى أنه على طول مسارات الهجرة من جنوب ليبيا تُنظّم عملية ابتزاز للمهاجرين، على هيئة “ضرائب مرور” واستغلال جنسي بشع يبدأ من الصحراء، ويستمر في مراكز الاحتجاز لنساء وأطفال، وأنهم يستخدمون “الترهيب وسوء المعاملة” ضد المهاجرين الذين أسماهم التقرير ب”قليلي الحيلة”.
وفي وصف صادم فقد استمعت فريق الخبراء إلى شهادة نساء أفريقيات بأنهن كن عرضة “لحفلات جنس جماعية”، وأن الرجال كان بعضهم يرتدي زيا عسكريا وأن العديد منهم لم يكونوا ليبيين، لكن ليبيين آخرين أمّنوا منازلهم لهذه الأفعال المخالفة للقانون، وأنهم كانوا يتفقون على تأجير منازلهم في مناطق القطرون وسبها وقرقاريش، وأن عدد الفتيات النيْجريات المستباحات جنسيا وصل إلى 150 فتاة، علما أن كان يتم التخلص من حالات الحمل عبر استخدام مزيح أعشاب محضرة محليا، وسط مضاعفات صحية في حالات عدة، علما أن حالات اغتصاب جنسي آخرى كانت تحدث بشكل مكرر لمنازل الفتيات المهاجرات عبر مهاجمة عصابات بسكاكين ل”بيوت الاتصال الجنسي”.
ويرصد التقرير طرق الهجرة الرئيسية في ليبيا للمهاجرين، ومحصورة تقريبا في الكفرة وتازربو وبني وليد، فيما لوحظ الرابط القوي بين قادة عصابات التهريب وقادة مجموعات مسلحة تتولى حماية الخطوط الرئيسية للتهريب، ومنع أي إجراءات قانونية ضد المُهرّبين في المناطق المشار إليها، فيما اتهم التقرير كتيبة “سبل السلام” التابعة للجيش بأنها متورطة في تهريب مهاجرين، رغم التكليف العسكري لها بمحاربة الاتجار بالبشر.
المرصود في التقرير من الانتهاكات الإنسانية لا يتوقف عند ما ذُكِر أعلاه بل يمتد إلى تبيان طرق ابتزاز المهاجرين عبر الاتصال بأهالي لهم خارج ليبيا لطلب مبلغ مالي مقابل الإفراج عنه، أو تهريبه مرة أخرى، ويتحدث التقرير عن حالات وفاة للمئات اختناقا جراء حشرهم في وسائل نقل غير مخصصة لحمل أعداد كبيرة، وهو ما كان يتسبب بأرقام كبيرة لوفيات لا يمكن رصدها، ولم يكن ممكنا توثيقها بسبب خوف المهاجرين من الحديث، وعدم وصول فريق الخبراء إلى العديد من مراكز الاحتجاز.