“حُمّى العيد” غائبة في ليبيا.. وفرحة الأطفال “طارت”
218TV.net خاص
أحلام المهدي
تراكمت أزمات الليبيين خلال السنوات القليلة الماضية إلى حدود يصعب حصرها ليأتي رمضان ليضع “التزاماته الاجتماعية المُرهقة”، فيما تأتي “التزامات العيد” لتُشكّل “قمة الجبل” الذي يرقد فوق صدور الليبيين، في ظل “سيولة مفقودة”، و “ضي هارب”، وأزمات سياسية لا تنتهي تلقي بظلالها هي الأخرى على المشهد الليبي الذي يُنْتِج اليوم “ألما معنويا كبيرا” لدى عشرات آلاف الأسر الليبية، إذ يرمق أرباب هذه الأسر الصغار فيها مع إيماءة صامتة تقول: “العين بصيرة واليد قصيرة”.
تُصيب الأسر الليبية في النصف الثاني من شهر رمضان، عادة “حُمّى العيد”، وليست كل حُمّى مؤذية، فقد كانوا يملأون الشوارع مع أطفالهم، تطل ابتسامات الأطفال من نوافذ السيارات الخلفية كالقَدر الجميل، وتتبعثر ضحكاتهم في كل مكان لتصنع البهجة المُنتَظَرة، واليوم، كأن فرحة العيد هذه وُضِعت في ساعة رملية، فصارت تتسرّب من ثقبها الصغير مع مرور الوقت وتعاقُب السّنوات.
في العاصمة طرابلس كما في بعض المدن الليبية الكبرى ثمّة أماكن يقصدها فقط ميسورو الحال لابتياع ملابسهم وحاجياتهم،، ذلك لأن أسعارها الباهظة لا تناسب الجيوب التي لا يدخل إليها إلا “معاشٌ واحد” كل شهر، تكون بضاعتها عادة من بعض الماركات العالمية الشهيرة، أو متوسطة الشهرة والفخامة، أما الأماكن التي يقصدها الجميع فهي ما تُعرف في الأوساط الشعبية بـ”الصّالات”، تكون بضاعتها مجلوبة عادة من الصين وتايوان، وفي أحسن الأحوال من تركيا، وهنا كان الليبي البسيط يجد ضالّته، فيقتني كل ما يلزمه منها بأسعار تناسب دخله المحدود، وميزانيته المدروسة بعناية.
واليوم بعد مرور ستِّ سنوات على بداية الأحداث السياسية والعسكرية التي تفاقمت بمرور الوقت في ليبيا، يجد الليبيون أنفسهم يتخلون طواعيةً عن فرحة العيد، فقد تساوى الجميع أمام كل الخيارات، وخلت الجيوب من النقود فيما تكدست الأخيرةُ في الحِسابات “عديمة الجدوى”، في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بالسيولة النقدية، هذا الغول الذي صار يفترس كُلّ سعادةٍ كان الليبي موعودا بها يوما، مهما كانت ضئيلة، ومهما كان يستحقها كإنسان.