“حوش جدّي” برمضان.. حج يومي إلى الوطن الصامد
218TV.net خاص
أحلام المهدي
إلى جانب الطقوس الدينية والاجتماعية التي تزدان بها بيوت الليبيين في رمضان، ثمة ظاهرة جميلة مستشرية في المجتمع الليبي بأسره، وهي الحجّ اليومي إلى منزل الجدّ والجدّة، إذ لا يحلو السّهر والإفطار إلا في حضن هذا البيت المُثخن بالذكريات،الذي يتوافد إليه الأبناء والأحفاد طيلة أيام شهر رمضان، ليكون قِبلة الحزين حتى يسعد، والمريض حتى يُشفى، والمكتئب حتى تنفرج أساريره.
لكن الأمر برمته، سلاح ذو حدّين، فمن الجميل أن يلتقي الجميع في مكان واحد، لكن هذا قد يُفقد سكان البيت الشيء الكثير من خصوصيتهم، فتصبح كل الأبواب مشرعة، وكل الأماكن متاحة للجميع، هو احتلال لطيف إن صحّ التعبير، كذلك فإن مشاكل أهل البيت ستختفي وتذوب أمام كمّ المشاكل الدخيلة التي ستُثقِل كاهلهم، ولن يملكوا الوقت حتى للحديث، فكيف لاختلاق المشاكل!
لكن أحدا من سكان هذا البيت لن يُفضل هدوء الوحدة على ضوضاء “اللمة”، فنجد الجدة أو الأم تفتقد الغائب عن هذا المهرجان، فتسأله عن أسباب غيابه وتطالبه بالحضور وعدم تكرار الغياب ثانية، وبالتالي فإن من يتغيب عن الإفطار هناك سيلتحق بالجميع بعده مباشرة، أو بعد صلاة التراويح، ولا تنتهي هذه التقاليد بانتهاء رمضان، لكنها تتعزّز فيه دون غيره من الأوقات، كعُرس سنوي ينخرط فيه الصغار قبل الكبار، الصغار الذين يظل “حوش جدهم” بالنسبة لهم،جنة أرضية لا تنقطع ملذاتها.