حكاية معتصم
في رواية “زوربا” للأديب اليوناني الكبير، نيكوس كانتزاكي، مقطع يحكي عن الوطن والتضحية، ويختزل الحالة التي يمرّ بها أي إنسان وهو يدافع عن وطنه وعن إرثه وثقافته، وإليكم ما يقول: ” الوطن، الواجب، اليونان، لا شيء.. ولكن لأجل هذا اللاشيء سنذهب إلى الموت طواعية”.
هذا ما حدث للكثير من الشباب في ليبيا، الذين شاركوا في الحرب على الإرهاب، في كل المدن، ولم يتراجعوا حتى حرّروا مدنهم، وكانت مدينتا سرت وبنغازي، نموذجين شكّلا الوحدة الوطنية في هذه الحرب، التي شارك فيها شباب ليبيا، لا شباب المدينة الواحدة فقط.
وفي عملية البحث عن أحد الذين شاركوا في معارك ضد الإرهاب، صادفتنا صور المقاتل معتصم المصراتي، والتي نشرتها وكالة رويترز، وأجرت معه لقاءً سريعًا، حول حياته بعد الحرب، خاصة بعد أن فقد ساقه في إحدى المعارك التي خاضها في بنغازي، وكيف تأقلم مع حياته الجديدة، وأصبح يمتهن بيع الأسماك في مدينة بنغازي، بعد معارك شرسة لمدة ثلاث سنوات.
وكما جرت العادة في كل الحروب، أن المقاتلين وحدهم من يعرفون ما حدث في الحرب، من أسرار وقصص وذكريات لا ينسوها، والتي غالبا ما تكون ذات خصوصية عالية، وأبرزها رفاق الحرب على الإرهاب، الذين قُتلوا، وتركوا رفاقهم المقاتلين الآخرين الذين نجوا من هول ما حدث، وحدهم.
ولرمزية الحدث الكبير، في حياة معتصم المصراتي، تكشف صورة بعينها، أنه كتب تاريخ إصابته على يده، حتى لا ينسى ما حدث، أو بمعنى أدق، أن يتذكر كل ثانية من حياته، ما حدث في الحرب على الإرهاب. لحظة احتسائه للقهوة، ولحظة جلوسه في إحدى المقاهي، أو في مكان عمله، وهو يبيع الأسماك.