كتَـــــاب الموقع

حكاية صورة

كتابة: سالم العوكلي

تصوير: محمد مْنينة

الساعة الحادية عشر من مساء 21 فبراير 2011 التقط المصور محمد مْنينة (من درنة) هذه الصورة في ميدان الشهداء للشاب مازن جالوته، أمازيغي من أم لبنانية، اقتنص فيها المصور لحظة الفرحة التي انتشرت في كل بقاع ليبيا في ذلك الوقت الذي تلمس فيه الناس طعم الحرية. يقول منينة: الكاميرا التي حملتها لسنوات متوجسًا لأول مرة تصبح في يدي حرة كطائر خرج من قفص.

كما يقول الفنان منينة الذي وثّق أرشيفًا مهمًا لثورة فبراير في بداياتها السلمية: كنت وقتها في طرابلس مقطوعًا ومفلسًا دون مأوى بعد أن صعبت عودتي إلى درنة، فآواني مازن في بيته المترف في حي الأندلس، وحماني من حملات الحرس الشعبي، وهناك تعرفت للمرة الأولى على أكلة السلامي التي أحببتها جدًا حتى الآن، وفي قلب هذا الكرم وسعة الرزق؛ كنت أدرك أن هذه الثورة ليست ثورة جياع ولا علاقة لها بالخبز، لكنها ثورة من أجل استعادة الكرامة والحرية ومن ضمن الربيع العربي الذي بدأه شبان الطبقة الوسطى الرقميون.

كان لمازن دور مهم في الحراك الذي بدأ في طرابلس، وكان آخر اتصال بيني وبينه أواخر العام 2014 حيث وجدته محبطًا وقال لي “البلاد ماشية في حيط”.

بقيت محتفظًا بهذه الصورة في أرشيفي، ولم أنشرها، أتأملها كلما راودني يأس أو قنوط، أستعيد بها جمال تلك اللحظات وأستعيدها كصرخة حرية في قلب الطغيان لابد لها أن تشرق يومًا في هذا البلد الجائع منذ دهر للخلاص.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى