حكايات الزن
ترجمة: عمر أبوالقاسم الككلي
الزن هو(*) المذهب البوذي السائد في اليابان الذي كان قد دخلها، قادما من الصين، في القرن الثاني عشر. وكلمة Zen اليابانية هي مجرد تحريف لكلمة Ch’an الصينية. تعني كلمة زن التأمل، والمبدأ الأساسي في هذا المذهب هو أن تجربة الاستنارة، المعادلة لتجربة البوذا، بالإمكان نقلها من القطب أو الشيخ أو الإمام إلى المريد أو الحواري عبر التأمل وعبر وسائل أخرى لا تعتمد على النصوص، أي عن طريق الفهم العقلي للمذهب. تركز الزن على الاهتمام باللحظة الحاضرة، أي استيعاب اللحظة كما هي وليس من خلال مصفاة الأفكار والآراء المسبقة. الوجود، حسب الزن، مستقر في السكينة(اللاعقل)، فيما وراء تشتت حوارنا الباطني. وهو يحدث تلقائيا وليس هو أفكارنا فقط. مجمل الحياة التي ندركها هي في حالة تغير متواصل. كل ذرة في الكون تمر بملايين التغيرات في كل ثانية. وإذن، فالوجود بالنسبة إلى الزن، وجود في اللحظة الراهنة، وما هو قابل للشرح هو الماضي فقط. إننا لا ندرك الوجود في حقيقته، لأن كل ما لدينا هو تصوراتنا الذاتية عن الوجود.
الاستنارة في الزن تقود إلى النرفانا (الفناء)، ومدارس الزن الياباني جميعها تتبع مبدأ “الاستنارة المفاجئة” السائد في الصين، وهو يعني أن الاستنارة الباطنية الكاملة يمكن إدراكها فورا، في مقابل “الاستنارة المتدرجة” التي يتم حصولها فقط بعد مجاهدات مضنية وطويلة. (المترجم)
سيزول
ذهب مريد إلى الشيخ الذي يدربه على التأمل و قال له:
– تأملي شديد الاضطراب!. يصيبني الشرود، أو تؤلمني رجلاي، أو يغلبني النوم باستمرار. الأمر في غاية الاضطراب!.
– ذلك سيزول.
قال الشيخ بثقة.
بعد أسبوع عاد المريد إلى شيخه.
– تأملي رائع!. أشعر بأنني في منتهى الوعي، منتهى الطمأنينة، منتهى النشاط. رائع تماما!.
رد الشيخ بثقة:
– ذلك سيزول.
الولي
ذاع في ربوع الريف خبر ولي حكيم يعيش في بيت صغير على قمة جبل. صمم قروي تجشم عناء رحلة طويلة مضنية لزيارته.
حين بلغ البيت وجد خادما حياه عند الباب.
– أرغب في مقابلة الولي الحكيم.
قال للخادم.
ابتسم الخادم وقاده إلى الداخل. وهما يسيران بالبيت كان القروي يتطلع حوله في لهفة متوقعا اللقاء بالولي.
ودون أن ينتبه وجد أنه اقتيد إلى الباب الخلفي وشيع إلى الخارج. وقف واستدار إلى الخادم.
– لكنني أرغب في رؤية الولي!.
قال العجوز:
– لقد رأيته. كل من قد تقابله في الحياة، حتى ولو بدا لك بسيطا وعديم الأهمية. . . انظر إليه باعتباره وليا حكيما. إذا فعلت هذا فمهما كانت المشكلة التي جئت بسببها إلى هنا اليوم فإنها ستحل.
لا أعلم
استدعى الإمبراطور، الذي كان بوذيا مخلصا، عالم زن عظيما إلى القصر كي يسأله بشأن البوذية.
– ما هي الحقيقة العليا في العقيدة البوذية المقدسة؟.
سأل الإمبراطور.
– فراغ شاسع . . . دونما أثر للقداسة.
أجاب العالم.
قال الإمبراطور:
– إذا لم تكن هناك قداسة، إذن فمن أنت ومن تكون؟.
– لا أعلم.
أجاب العالم.
عبور
جاء معلم روحي شهير إلى بوابة قصر الملك. لم يوقفه أي أحد من الحرس الملكي عند دخوله و مضيه إلى حيث كان الملك ذاته جالسا على عرشه.
– ماذا تريد؟.
سأل الملك و قد تعرف فورا على الزائر.
– أريد مكانا أنام فيه في هذا الخان.
أجاب المعلم. فقال الملك:
– لكن هذا ليس خانا، هذا قصري.
– هل لي أن أسأل عمن كان يملك القصر قبلك؟.
– أبي. لقد مات.
– ومن كان يملكه قبله؟.
– جدي. هو أيضا ميت.
– وهذا المكان الذي يعيش فيه الناس فترات قصيرة ثم يرحلون، ألا تسميه خانا؟.
حلم
ذات مرة حلم العالم الطاوي الكبير تشوانغ تسي بأنه كان فراشة تطير هنا وهناك، ولم يكن لديه أي شعور أثناء الحلم بفرديته ككائن بشري. كان مجرد فراشة. فجأة استيقظ ووجد نفسه يستلقي هناك، كائنا بشريا مرة أخرى.
إلا أنه حينها فكر بينه و بين نفسه: “هل كنت إنسانا يحلم بأنه فراشة، أم هل أنا الآن فراشة تحلم بأنها إنسان؟”.
لست ميتا
سأل الإمبراطور العالم غودو:
– ما الذي يحدث للإنسان المستنير[ الفاضل] بعد الموت؟.
– و من أين لي أن أعرف؟.
رد غودو.
– لأنك عالم.
أجاب الإمبراطور.
– أجل يا مولاي. ولكنني لست ميتا.
قال غودو.
* (*) اعتمدنا في إعداد هذا التعريف على أكثر من موقع ألكتروني(بالإنغليزية) ولم نر ضرورة الإحالة إلى ذلك هنا.