حفتر ، القبائل ، البرلمان، المؤتمر وكل المشهد الليبي
ترجمة : سارة غرايبة –
تنشر 218 هنا جزءا مطولا وبالغ الاهمية من استجواب لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني حول ليبيا ما بعد فبراير …يحتوي التقرير علي حقائق من وجهة نظر اللجنة،غير معروفة حتى لكثير من المهتمين بالشأن الليبي حول رؤية الحكومة البريطانية للوضع الحالي في ليبيا ؛ والأسباب التي دعت رئيس الوزراء كاميرون ووزير خارجيته لتأييد الثورة الليبية ؛ وسوء تقديرهم لبعض الامور ورؤيتهم للجماعات المسلحة والحوار السياسي الليبي؛ وقائد الجيش، ومدى تأثير وجود داعش في ليبيا، وكيفية تأثر دول الجوار بما يجري فيها.
اخترنا نشر التقرير بدءا من السؤال رقم 50 وهو النقاش المتعلق بليبيا.
-
سؤال50: بارون: عودة إلى ليبيا, هل حقيقة أن هناك قدر كبير من النقص في التمويل في جهاز السياسات الأجنبية الخاص بنا, على نحو أنه وببساطة لا أحد على دراية بما يحصل؟ لقد كانت هناك اقتطاعات من الحكومات من الجانبين, إخلاء المكتبة و إغلاق مدرسة اللغة. فيالق الهجانة لم تعد موجودة, واضطررنا خلال الربيع العربي لإعادة المستشرقين, وفي قضية القرم لم يكن لدينا مختصون باوكرانيا على الأرض, فإلى اي حد يساهم ذلك في المشكلة؟
البروفسور جوف: أعتقد أنك إذا أردت أن تفهم هذه المشكلة, عليك أن تعود بالزمن إلى ما قبل ذلك, إلى حكومة ثاتشر والطريقة التي غيرت بها العلاقة بين رئاسة الوزراء و مكتب الخارجية, كان ذلك بداية لاضمحلال دور مكتب الخارجية كعنصر رئيسي لتشكيل سياسة في هذه الدولة, ولكن جميع العناصر التي ذكرتها أيضا صحيحة بالتأكيد. إذا قللت من قدر المختصين, سينتهي بك الأمر أن تكون أقل إلماما, وإذا كنت أقل إلماما, ستكون قد صممت سياسات أقل كفاءة بكثير, وهذا ما حصل بالتحديد. هناك أيضا مشكلة أن فكرة "السياسة الفعالة" أصبحت عبارة غريبة بالنسبة للحكومة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية, والسياسة الداخلية هي قضية أخرى, وربما تمثل صرعة تجتاح أمريكا وأوروبا منذ فترة طويلة. بشكل ما, نعم, قد يكون هذا هو جذر المشكلة, ولا أستطيع رؤية طريقة لمقاومته. رغم أنك أردت استثناء سوريا من النقاش, اسمح لي فقط أن أشير إلى أن الطريقة الكارثية التي نتعامل بها مع الوضع الراهن في سوريا, كان من الممكن التنبؤ بها قبل أربع سنوات. السياسات التي تم تبنيها كانت مضمونة الفشل, وقد فشلت بالفعل.
الرئيس: لننتقل الآن إلى دعم الأمم المتحدة وبريطانيا لإعادة تشكيل المشهد الليبي.
- سؤال51: ان كليد: هل أستطيع أن أطلب منك أن تقيم مدى فاعلية أو عدم فاعلية الدعم الذي قدمته الأمم المتحدة لليبيا في ذلك الوقت؟
بروفسور جوف: ذلك يعتمد على من تستمعين له, فإذا كنت تستمعين إلى برناردو ليون, سيخبرك, وقد أخبرنا بالفعل, أن كلتا الجهتين وافقتا على الخطة العامة وأن باستطاعتنا أن ننظر قدما إلى حكومة ثالثة في ليبيا سيتم تقبلها في النهاية. السؤال يكمن فيما ان كنت تعتقد أن إنشاء المؤسسات أم تكوين الجماعة التي ستكون الحكومة الجديدة هو الاعتبار الأهم. في الوقت الحالي, يبدو لنا أن الليبيين على اقتناع بأن عليهم أن ينشئوا مؤسسات قادرة، وأن الأشخاص الذين سيقومون بإدارة هذه المؤسسات هم قضية ثانوية. على سبيل المثال, نرى أن هناك تقبل عام في طرابلس من قبل المعتدلين والإسلاميين المعتدلين لفكرة وجود حكومة جديدة, حكومة للخلاص الوطني, وهناك أيضا تقبل عام لهذه المبادئ في طبرق, ولكن تكمن المشكلة في من عليه أن يسمي هذه الحكومة الجديدة. يبدو أن هذه قضية تحتاج إلى المزيد من النقاش, علما بأن شرعية مجلس النواب ستنتهي في ال20 من أكتوبر بالرغم من قراره بالتجديد لنفسه، وهو ما قام به المؤتمر الوطني العام بالتحديد. بشكل ما, مدى نجاح الأمم المتحدة ما زال غير واضح. القضية تكمن أيضا في أنها لم تتلقى أقل القدر من الدعم لتحقيق أهدافها, ويعود ذلك جزئيا إلى وجود العديد من المبادرات الوطنية السابقة التي أربكت مهمتها وجعلتها أكثر صعوبة.
- سؤال52: ان كليد: هل تعتقد أنه كان من الممكن أن يكون الاتحاد الأوروبي أكثر فاعلية بأي طريقة من الطرق؟
بروفسور جوف: لا أعتقد بأن الاتحاد الأوروبي كان بإمكانه أن يكون أكثر فاعلية من الأمم المتحدة, لكن كان بإمكانه أن يلعب دورا بلا شك, أخشى أن الاتحاد الأوروبي كان مهووسا بأزماته الداخلية الخاصة بشدة في السنوات الأخيرة, مما منعه أن يلعب دورا فعالا في أي من هذه التحولات.
سؤال53: ان كليد: ولكن نظرا إلى الوضع الحالي, هل من الممكن أن تكون أيا من هذه المشاريع ناجحة؟
بروفسور جيف: إذا اطلعنا عليها من وجهة النظر الحالية, لا, إلا أنه كانت هناك بعض اللحظات حين كان ذلك ممكنا, كان هنالك نافذة ما بين أكتوبر 2011 ويونيو 2012 عندما كان من الممكن النظر في أسلوب بإمكانه أن يحقق تماسك السلطة و تماسك الأمن, فيصبح بعد ذلك من الممكن البدء بإنشاء المؤسسات, ولكن اليوم أصبح ذلك شديد الصعوبة.
أليسون بارغيتر: أنا متشائمة جدا حيال ذلك. بالنسبة لعملية السلام الخاصة ببعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا, فهنالك عناصر متقبلة من الجهتين لما يتحدث عنه جورج, ولكن في الحقيقة اللاعبون الحقيقيون في الساحة ما زالوا رافضين لذلك كليا.
بروفسور جوف: هذا صحيح.
أليسون بارغيتر: النقطة الأخرى هي أنه يبدو أن جميع عمليات الحوار, بما فيهم بعثة الأمم المتحدة, غير مدركين حقيقة أن أكبر القبائل الليبية, الورفلة والمقارحة والقذاذفة, لا يزالون خارج العملية كليا. هذه القبائل المرتبطة بالنظام السابق, والتي تعتقد أنها كانت كبش فداء الثورة, بقيت في هوامش العملية, ومع أنهم يمثلون 2 مليون من الليبيين, لم يكن هناك أية محاولة حقيقية لضمهم إلى الحوار, وبالنسبة لي, عملية التصالح الوطنية هذه, وإدخال هذه العناصر في عملية السلام, في غاية الأهمية لإعادة ليبيا على قدميها. هذه القبائل خارج عملية بعثة الأمم المتحدة وهي مشكلة حقيقية.
سؤال54: ان كليد: ذنب من إذا هو عدم القيام بهذه المحاولات؟ أين تضعون اللوم؟
أليسون بارغيتر: ضعف بصيرة من قبل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا, إضافة إلى عدم رغبة هذه القبائل بالتدخل لأنهم ما زالوا يشعرون بأنهم كبش فداء للقوى المتصارعة في ليبيا- إنه وضع في غاية التعقيد.
بروفسور جوف: أعتقد أننا نستطيع القول, إنه في كل مرحلة وجب فيها الاختيار بين سياسة وأخرى, تم اختيار السياسة الخاطئة, فأصبح هناك تراكم من الأخطاء وهو ما أدى إلى الوضع الراهن الذي سيكون حله بالغ الصعوبة. الشيء الوحيد الذي يدعو إلى الأمل هو وجود بعض المؤشرات الصغيرة. أولها هو وجود نداء لإعادة تأكيد مجموعة الحوار الوطني لنفسها من جديد وأن تسير على خطى التجربة التونسية في الحوار، بالرغم من أن المؤسسات العاملة في تونس لا وجود لها في ليبيا. ثانيا, وجود مسودة لدستور قيد التنفيذ, مما يشير إلى وجود ما يتوحد الشعب حوله, سواء قاموا بذلك أم لا, لا نعرف. وثالثا, وجود الشعور العام بالحاجة لإعادة بناء المؤسسات, ولكن مرة أخرى, فحتى توجد طريقة ليُترجم ذلك إلى واقع, سيكون من الصعب جدا أن نرى أي طريق للتقدم. يجب أن تتذكر أن لدى الكثير من الناس مصالح راسخة في الوضع الحالي, لا تنسى أن أزمة الهجرة الحالية ليست خارجة عن ذلك, فقد تمت إدانة بعض الميليشيات بالتورط في عملياتها, مما يطرح عقبة أخرى, فمن مصلحة هذه الميليشبات المحافظة على الوضع الراهن, وهم متمركزون حاليا في طرابلس والمدن الساحلية.
بارغييتر: هناك أيضا شخصيات مهمة مثل الجنرال حفتر، من يؤكد أن أي اتفاق سلام سيعني غيابه عن المشهد، لن يغادر الساحة بسهولة، وهو يمثل أهم قوة مسلحة.
س 55: آن كلايد، لقد أرست بريطانيا عددا من مشاريع الدعم، فهل أعلن فشلها؟
بروفسور جوف: أعتقد أن جميعها قد توقف، أليس كذلك؟
أليسون بارغيتر: كانت هناك محاولات لتدريب الجنود بفكرة إعادتهم للالتحاق بالقوات المسلحة, ولكن الالتحاق بماذا؟ فلا وجود للدولة ولا لقوات مسلحة جديرة بالاعتبار.
بروفسور جوف: الخطر المتعلق بالجنرال حفتر بالمناسبة, هو أنه في حال حصل قرار عام بانتزاع السلطة من الحكومتين الحاليتين, من المرجح أنه سيقرر بناء على ذلك الاستيلاء على السلطة, وهو يمتلك القوة العسكرية لفعل ذلك في الشرق بكل تأكيد.
أليسون بارغيتر: لقد كان هنالك حديث حول تكوين مجلس عسكري بقيادته وإعلان حالة طوارئ, وهو ينتظر في هذا التحرك.
سؤال56: ان كليد: هل تعتقد أن الليبيين بوضع أفضل أم أسوأ مما كانوا عليه تحت حكم القذافي؟
بروفسور جوف: أنا حقا أعتقد أنهم بحالة أسوأ.
أليسون بارغيتر: كان هناك ذلك الشعور بالخوف المروع في ليبيا في السابق, ذلك الخوف القمعي, ولكن طالما أبقيت رأسك منخفضا, كنت على ما يرام, أما اليوم, فانعدام الأمان سائد, هناك الكثير من روايات الاختطاف والاحتجاز, أنا أعرف شخصيا العديد ممن اختفى أفراد عائلاتهم, وهذه قصص شائعة للعديد من الليبيين. هنالك مشاكل في إمدادات الكهرباء والوقود والبضائع, والأسعار في ارتفاع مستمر, الناس يكافحون للبقاء, المعاشات لا تدفع, توقفت الدولة بأكملها, وتوقفت الإدارة لأن لديك سلطتين متنافستين. مستوى الحياة متدن بفظاعة. لا أعتقد أن الناس على استعداد للعودة راكضين للقذافي بعد, ولكن هناك إدراك بأن الحياة كانت أفضل بكثير, كانت آمنة.
سؤال57: آندرو روزينديل: كوني زرت ليبيا مع لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الماضي (المؤتمر الوطني), أخشى أن كل ما قلته اليوم يسبب الاكتئاب الشديد, ويجعلني أقلق بشدة حولما إذا كانت بريطانيا قد لعبت دورا في ما هو واضح أنه فشل هائل للسياسة الخارجية. وعودة إلى ما كنت تقوله, نرى جميعا أين تقف وكيف تشعر تجاه كل ذلك, ولكن هل كنت تشعر بالطريقة نفسها في سيبتمبر 2011, حين وقف نيكولاس ساركوزي ودافيد كامرون بين هتافات الحشود في طرابلس كالمنتصرين العظام بإنقاذ الدولة من القذافي؟ في تلك اللحظة, هل تنبأت بأنك ستقول ما قلته اليوم؟ أم اعتقدت كالكثير منا أننا ذهبنا إلى هناك للأسباب السليمة ولإغاثة تلك الدولة؟
بروفسور جوف: أأكد لك أنني لم أعتقد يوما أننا ذهبنا للأسباب الصحيحة, قد لا أكون قد توقعت الفوضى العارمة التي تحصل اليوم, ولكنني بالتأكيد لم أنظر لوصولهم إلى ليبيا في الساحة الخضراء, كما كانت تسمى, والمعروفة اليوم بميدان الشهداء, بأي نوع من الحماس.
سؤال58: آندرو روزينديل: تقول أننا لم نذهب إلى ليبيا للأسباب السليمة, العديد منا كان مؤيدا للتدخل في ليبيا لأننا شعرنا أن على القذافي الرحيل وأننا نغيث الشعب الليبي بدوافع إنسانية, ولكنك تقول أننا لم نتدخل لتلك الأسباب إطلاقا, فما هي الأسباب الأخرى التي نحن على غير دراية بها؟
بروفسور جوف: أستطيع فقط أن أخمن لماذا فعلنا ما فعلناه, أعتقد أن ما يقلقني هو قلة التبصر في العواقب, وليس الأسباب. ربما وجدوا أن هذه فرصة لنكون قريبين مع ما يظهر أنه يحدث داخل الشرق الأوسط من تغيرات جذرية وتحول إلى الديمقراطية وسقوط نظم الاستبداد وهي أجواء مطابقة لتلك التي خلقتها نهاية الحرب الباردة, لا يبدو لي ذلك كأساس يمكنك أن تبني عليه سياسة ملائمة, ولذلك كنت مرتابا من نتائج وعواقب هذه السياسات.
أليسون بارغيتر: عودة إلى سؤالك الأصلي, لقد شعرت بقدر من السعادة حين سقط النظام, ووجدت ذلك مؤثرا جدا, ولكن في الوقت نفسه, كنت قلقة لأن جميع المشاكل التي ظهرت منذ ذلك الحين كانت واضحة في تلك اللحظة, المشاكل الإقليمية والقبلية, والطريقة التي انفضت بها الثورة مع الميليشيات المختلفة.
لاستكمال قراءة هذا التقرير المهم … اضغط هنا