أحداث سياسية وأمنية متسارعة في ليبيا، أو في محيطها العربي والإقليمي والدولي المؤثر فيها، فقد أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إمكانية تطبيق التجربة الأفغانية المسماة بـ “اللويا جيرغا”، أو برلمان القبائل في ليبيا، والذي ولدت منه السلطة التشريعية الأفغانية، مبينا أنّ هذا الأمر الذي سيتم من خلاله جمع كافّة القبائل برعاية دولية لحل خلافاتها، ما زالت احتمالية نجاحه من عدمه غير مؤكدة.
مساع للوصول إلى تسوية في ليبيا
وشدد أبو الغيط في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط اللندنية على أهمية مؤتمر باليرمو المزمع عقده يومي الـ12 والـ13 من نوفمبر المقبل، للدور الكبير والقديم الذي تلعبه إيطاليا في ليبيا، ناعيا في الوقت ذاته، مخرجات اتفاق باريس بالقول: “يبدو مستحيلا إجراء الانتخابات البرلمانية الليبية في الوقت المقترح منذ شهر مايو الماضي، والمحدد في العاشر من شهر ديسمبر”.
من جانبِه أكّد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن مصر تسعى لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية، وتبذل جهودا للتواصل مع المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، مبينا بأن هذه الجهود تهدف إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في ليبيا.
وفيما يخص مؤتمر باليرمو أعلن رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي، ووزير خارجيته إنزو ميلانيزي، توجيه الدعوة للعديد من الأطراف الليبية والدولية؛ لحضور المؤتمر مع العمل على حضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، بينما أشارت مصادر إلى عدم قبول قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر دعوة الحضور.
حراك إيطالي لإنجاح باليرمو
في السياق ذاته قدمت إمانويلا كلاوديا نائبة وزير الخارجية اﻹيطالي، على هامش لقائها برئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري الدعوة رسميا لحضور مؤتمر باليرمو المتعلق بليبيا المزمع عقده في 12-13 نوفمبر القادم، والذي تسعى إيطاليا بأن يحظى باهتمام إقليمي على نطاق واسع.
وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، خلال خطاب له أمام مجلس الشيوخ، أن بلاده لا تملك حلا سحريا لكافة المشاكل في ليبيا، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إجراء الانتخابات في ليبيا خلال الفترة القليلة المقبلة بالأمر المحفوف بالمخاطر، مع أهمية توافق القوى الرئيسية على إجرائها.
الرئاسي يقترب من التغيير
وفي سياق آخر أكّد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أن البعثة ليست متمسكة بأي شخصية بعينها في الحكومة أو المجلس الرئاسي، وبالإمكان جدا قبول أي تغيير في الحكومة أو أعضاء المجلس الرئاسي، وهو الموضوع ذاته الذي ناقشه رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري مع السفير البريطاني فرانسيس بيكر.
من جانبه أعلن المجلس الأعلى للدولة موافقته على آلية استبدال المجلس الرئاسي المقدّمة من مجلس النواب.
وقال عضو المجلس سالم مادي في تصريح لـ218 إن المجلس وافق بالإجماع على إعادة هيكلة الرئاسي، وجعله برئيس ونائبين، وأن يقوم أعضاء مجلسي النواب والدولة عن كل منطقة جغرافية من المناطق الثلاث، بعقد مجمع انتخابي، وانتخاب مرشح واحد لعضوية المجلس الرئاسي.
أما مجلس النواب فقد أعلن موافقته على التعديلات التي وضعها المجلس الأعلى للدولة على المبادرة التي كانت قد أحيلت إليه من النواب؛ بشأن آلية إعادة تشكيل السلطة التنفيذية.
عضو مجلس النواب صالح فحيمة أشار إلى تأكيد المجلس على وضع جدول زمني من لجنتي الحوار لتنفيذ إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، في موعد أقصاه 30 يوما من تاريخ الموافقة، مبيّنا أنَّ مجلس النواب تمسّك بمنحِ فترة أسبوع لأعضاء المجلس الرئاسي الجدد لاختيار رئيس للمجلس، وفي حال تعذر ذلك يمنحون أسبوعا آخر ليصار إلى إعادة تشكيل الرئاسي بنفس الكيفية التي تم تشكيله بها، وفقا للتعديل في حال فشلهم.
وفيما تم تداول اسمي عبد اللطيف الكيب وعبد الله البدري؛ لشغل مناصب في تشكيلة الرئاسي الجديد، أكّد عبد الحميد الصافي الناطق باسم رئيس مجلس النواب أن المستشار عقيلة صالح ليس له نية معلنة حتى الآن بالترشح للمجلس الرئاسي الجديد.
الاستفتاء على مشروع الدستور
وفيما يخص الاستفتاء على مشروع الدستور، كشف رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، خلال مداخلة له في برنامج البلاد على قناة 218 نيوز، عن عدم كفاية المهلة المحددة من قبل البرلمان لتنفيذ عملية الاستفتاء، واستحالة تنفيذه خلالها، مطالبا بـ90 يوما للتجهيز لعملية الاستفتاء، للتمكن من إشراك القضاء، ومراقبة التزوير في هذه العملية.
توحيد الجيش بات قريبا
عسكريا كشفت مصادر خاصة لـ218 عن وجود تنسيق مصري لاستئناف اجتماعات توحيد المؤسسة العسكرية بمقترحات جديدة، منها تشكيل مجلس عسكري يضم عددا من الضباط من مختلف مناطق ليبيا أبرزهم رئيس أركان الجيش الوطني الفريق عبد الرازق الناظوري، وأمراء المناطق العسكرية الغربية اللواء أسامة الجويلي، والوسطى اللواء محمد الحداد، والجنوبية الفريق علي كنة.
من جانبه توقع الصحفي المصري أحمد جمعة عدم استمرار اجتماعات توحيد المؤسسة العسكرية رغم وجود المبعوث الأممي غسان سلامة في مصر لدعمها، وتعزيز الموقف المصري المؤيد لها بقوة، مرجعا توقّعه هذا لعدم رغبة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بالتخلي عن منصب القائد الأعلى للجيش.
واتهم مراقبون سلامة بالتدخل في هذه المفاوضات لصالح السراج، من خلال تأييده لبقاء الأخير في منصب القائد الأعلى للجيش، والتحفظ على وجود المشير خليفة حفتر على رأس القيادة العامة للجيش، مؤكّدين أنَّ هذا التدخل الذي يميل لطرف على حساب الآخر، يهدّد بنسف جهود القاهرة، وما تم التوصل إليه من نتائج مهمة على مدى أكثر من عام.
وفي سياق ذي صلة أفادت مصادر خاصة لـ218 بأنّ القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر وافق على المقترح المصري بشأن تشكيل مجلس عسكري يضم عددا من الضباط مشترطا أن يختار هو أسماءهم.
إلى ذلك ذكرت مصادر خاصة لـ218 أنه قد تم تحديد يوم الأربعاء القادم الموافق للـ24 من أكتوبر موعدا للإعلان عن توحيد المؤسسة العسكرية من القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي كان يشرف على سير المباحثات الدائرة للوصول الى هذه الغاية التي ستسهم في توحيد الصف الليبي وإنهاء الشقاق ليعود الاستقرار.
إجراءات لفرض الأمن
على الصعيد الأمني، وفي خطوة منه لاستنهاض القوى الأمنية الكامنة، دعا وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني، الضباط وضباط الصف والأفراد والموظفين من المتغيبين والمنقطعين عن العمل إلى العودة إلى سابق أعمالهم، والالتحاق بالجهات والأجهزة التي يتبعونها، مانحا إياهم مهلة أقصاها الأول من نوفمبر المقبل، إذ لن تقبل عودتهم بعدها.
أمنيا أيضا استقبلت بلدية درنة امتحانات ترقية الضباط وضباط الصف في الشرطة الزراعية من المرج إلى مساعد، لأول مرة منذ وقت طويل، في خطوة مهمة لإعادة المشهد الأمني إلى المدينة، بعد قرابة سبع سنوات من سيطرة الجماعات الإرهابية على المدينة، وانعدام كل مظاهر الأمن فيها.
وفيما يتعلق بتنفيذ الترتيبات الأمنية في العاصمة طرابلس، تدارس المبعوث الأممي غسان سلامة ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز سبل التنفيذ، مع وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني فتحي باشآغا، وإمكانية نجاح هذه الترتيبات في ضبط أمن العاصمة، بينما أكدت الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية “فيديركا موغيريني” وجود توجه لفرض عقوبات على قادة الميليشيات المسلحة المسؤولين عن تهريب البشر والوقود ومعرقلي العملية السياسية في البلاد.