حرب الضواحي 1
محمد المفتي
استجابات الناس لما يحدث في ضواحي طرابلس الجنوبية تتراوح بين الإستغاثة والشماتة، والحيرة التي تجعل من المستحيل توقع ما سيحدث خلال الساعات القادمة.
بالطبع اندلاع حرب الضواحي كان متوقعا منذ زمن، فالمليشيات المسلحة نقيض للدولة الحديثة، وفي ما بينها لابد من حسم ذات يوم.
وهذا التوازن المستند على السلاح لابد أن يختل ذات يوم، ويفترض أن كانت لدينا خطة طوارئ. المحزن والخطير أن الدولة تفتقد لمثل هذه الاستعدادات، وتفتقد للقوة وربما الإرادة،
لحسن الحظ أن لدينا مكتب البعثة الأممية، والتي يمكن أن تتحول بحكم الظرف، إلى مجلس وصاية، فقد بدأت بلجنة تحقيق اقتصادية، واليوم اجتمع رئيسه ونائبته بالقادة العسكريين التابعين للوفاق، ثم برئيس الرئاسي لتدارس الأوضاع الأمنية. والبـعـثة بالتأكيد قادرة على الاستعانة بالدول الأوروبية، فضلا عن الأفريكوم عند حدودنا الجنوبية. لكن الدول الكبرى هي التي ستحدد إن ومتى وكيف.
من المؤكد لا أحد يقبل المعارك الدائرة، سواء لأسباب إنسانية أو من أجل استعادة التوازنات وسيـتحرك سياسيون وحكماء ومشايخ. لكن هذه الصيغ لم تحقق تقدما رغم كل لقاءاتها وما صاغت من توافقات أو بيانات. وكذلك حال المؤسسات الدستورية، التي لم تحقق لنا طيلة السنوات الماضية سوى “خلبوصات” من المواد القانونية وشتى التخريجات الميتة يوم ولادتها.
إذن دعونا نفكر بجرأة وصدق.
أنا أولاً، لا أجد معنى للمتاريس الجهوية والسياسية والفكرية والتاريخية. ولا أجد معنى لرفض جلوس الفيدرالي مع الإخواني والأمازيغي وأنصار النظام السابق … إلخ بشرط استبعاد السلاح.
ونعم هناك حساسيات، وهذه الزمن كفيل بطمسها. لكنني لا أجد معنى للمحاصصات الخفية. مثلا أن يكون رئيس الرئاسي من طرابلس ومن نخبة المدينة ونائبه من برقة وآخر من فزان. ودعوني أذكركم يا سادة. لقد تولى رئاسة الوزراء في عهد المملكة وعلى التوالي: المنتصر (مصراتة طرابلس) ، والساقزلي (كراغلة بنغازي)، بن حليم (زليتن درنة) ، كعبار (غريان) الصيد (فزان)، فكيني (رجبان) ، مازق ( براعصة) ، البدري (عواقير) ، البكوش (الظهرة) والقذافي (بنغازي) رحمهم الله جميعا. بل كان المبدأ في تعيين المحافظين ألا يكون المحافظ من نفس المنطقة. ولم يكن أحد يتساءل أو يشكك.
لماذا قلت كل هذا؟ لأنني أعتقد ويعتقد الكثيرون أن أول تغيير يجب أن يطــال المجلس الرئاسي ولو لأنهم أمضوا فترة اختبار كافية ولم يحظوا برضى الناس، وليقلص عددهم لأن القيادة الجماعية غير مثمرة في أي مجال.
المصدر: صفحة الكاتب على موقع فيسبوك