حذارِ من الطوفان القادم
د. محمد المفتي
بعد عام من النزاعات غير المثمرة حول ما سمي بوفاق الصخيرات، لعله من سوء الطالع أن تندلع انقسامات جديدة ويستعر الجدل حول مسودة الدستور، في وقت تقف فيه ليبيا على حافة كارثة أكبر.
فقد انتهى ملف الهجرة غير الشرعية بوصول زورق حربي إيطالي الثلاثاء إلى قاعدة أبوستة ليدشن حقبة أخطر في تاريخ هذا الوطن، ستتضاءل إلى جانبها كل هذه الإحباطات وما يرافقها من أزمة اقتصادية ومعاناة يومية.
خارجية الوفاق كذبت في بيان مهذب وغائم، نفي السراج السابق لطلبه دخول الأسطول الإيطالي للمياه الإقليمية الليبية ، مصرة أن الأمر لا يتعدى الدعم اللوجستي والتقني لجهاز خفر السواحل الليبي. بينما لم يكف الوزراء الطليان عن تأكيد حقيقة طلب السراج.
والواضح أن إيطاليا ، لاعتبارات أمنها القومي، تريد أن توقف سيل المهاجرين المتدفق إليها من ليبيا عند شواطئنا الشمالية وإرغامهم على العودة إلى التراب الليبي.
هذا سيعني غمر ليبيا بفيضان بشري .. تماما كما تتجمع المياه وراء سد. والآن هناك قرابة ربع مليون مهاجر في ليبيا جاهزون لعبور المتوسط إلى إيطاليا كما تقول التقارير الدولية. أما المنظمات الإنسانية الدولية فتعبر عن قلقها خوفا على المهاجرين وليس على ليبيا.
وستدفع ليبيا ثمن المشروع العسكري الايطالي .. فاستقرار هؤلاء المهاجرين حتى مؤقتا سيغير الهوية السكانية ( الديموغرافية ) في فزان وسيقود إلى انهيار خدماته وانتشار الأوبئة و الجريمة، وبالطبع ستلام الدولة الليبية على تقصيرها في رعاية المهاجرين.
إن ما هو قادم مرعب مهما كانت اللغة الدبلوماسية التي تغلفه والصور الملونة وابتسامات المتواطئين. وعلينا أن نوقف كل هذه المصارعات ونعيد ترتيب جدول اهتماماتنا ونجند كل ما في وسعنا لإقناع المجتمع الدولي بتدشين برامج إنمائية وأمنية لمعالجة المشكلة في منابعها. وإذا كان لإيطاليا قوتها العسكرية فلدينا ما نضغط به عليها فالتبادل التجاري مع إيطاليا كان يبلغ 3 مليار وليبيا تزود إيطاليا بثلث حاجتها من الغاز.. فهل نستفيق؟